العقوبات والغرامات وسيلة تُفرض لتطهير مكان ما من مخالفات.. ولا يمكن التفكير بأنها مصدر أرباح، لكن نسيان الغاية منها، ربما ينحرف بالوسيلة إلى التكسب.
المخالفات المرورية كذلك.. لكن الوضع المتراكم والأرقام يدلان على أن المخالفات المرورية لم تُطهر الشوارع، ولم تمنح مستخدميها الوعي الكافي لتجنب المخالفات المرورية.
تصرفات بعض رجال المرور تعني تحويل المخالفات المرورية من وسيلة إلى غاية، ولو بلا قصد.. بـ"خلص دفتر المخالفات" لتنال مكافأة، وكأنك حققت إنجازاً لإدارتك.
في الرياض وحدها حرر المرور نحو 3 ملايين مخالفة مرورية خلال العام الماضي بزيادة 11% عن العام الذي قبله.. وعدم تناقص أرقام المخالفات المرورية بتتابع الأعوام؛ يعني انحراف نظام المخالفات المرورية عن هدفه الرئيس وهو القضاء على الظواهر المرورية السيئة من شوارعها.
مداخيل المخالفات المرورية كبيرة، وبمقدورها أن تعمل على زيادة الوعي المروري لدى الناس بأي طريقة، ولكن - أرجوكم - ليس بمثل الحملات السابقة التي كانت هدراً للمال بلا فائدة، وليس بمثل أسبوع المرور الذي لا يختلف عن أسبوع الشجرة..!
إذا كانت المخالفات التي حررها مرور الرياض 3 ملايين، فـ"افرض مثلاً يعني" أن متوسط قيمة المخالفات المرورية 150ريالا، رغم أن بعضها يصل إلى 900 ريال؛ وعلى ذلك فإن دخل مرور الرياض من المخالفات لن يقل عن 450 مليون ريال.. وإذا كانت المخالفات المرورية بحائل 250 ألفا؛ فدخل مرور حائل من المخالفات المرورية لن يقل عن40 مليون ريال.. وقس ذلك على بقية المناطق. وفي النهاية نحن أمام شركة "قابضة"..!
تنبيه: لا تفكر بحساب بقية الدخل من إصدار وتجديد رخص السياقة والسير.. لأنك ستتعب ولن تستطيع جمعها على دخل المخالفات، فحاسبة جوالك لا تتعاطى تلك الأرقام..!
عمل المرور هو ضبط حركة السير في الشوارع، وهذا لن يتم فقط بفرض المخالفات المرورية والعقوبات الأخرى فقط.. هدف ضبط الشوارع يحتاج إلى "تحديث" الفكر؛ لأن أرقام المخالفات تشي بأن الغرامات أصبحت هدفاً بحد ذاتها..!
(بين قوسين)
العقوبة على مخالفة الأنظمة ليست هدفاً.. بل وسيلة لوأد المخالفة وإزالتها من الوجود.