"ما يحتاج يا عيسى.. تذكّرنا بهم يا خوي.. بين الحين والحين.. ما يحتاج يا عيسى".. كلمات قديمة، تقطر عذوبة ورقّة، وصلتنا عبر حنجرتي أبوبكر سالم والجميري، رددتها على مسامع أخي "عيسى سوادي" قبل أيام حينما بعث لي بخبر وفاة طفلة في إحدى مدارس البنات في شمال المملكة، نتيجة اللامبالاة فيما يظهر لي، -والله أعلى وأعلم- لا أود أن أتطرف في النقد فأقول نتيجة القسوة التي حولت الإنسان من كائن حي إلى مخلوق متوحش لا يشعر بمن حوله..

الحكاية وما فيها أن مدرسة ابتدائية قامت بعملية إخلاء فرضية، على طريقة "خذني جيتك".. اهربوا.. هناك نار.. ربما انهيار -لا أحد يعلم- المهم هو الهرب إلى فناء المدرسة الخارجي.. فكانت النتيجة إصابة طفلة صغيرة في السن بالهلع والخوف، بدأت تصرخ وتبكي مما يجري أمامها، لتصاب بسكتة قلبية على الفور وتنتقل إلى رحمة الله.. وتترك خلفها ألف ذنب وذنب معلّقة برقبة جميع الذين تسببوا في وفاتها بهذا الشكل المحزن.. وعلى رأسهم مديرة ومعلمات المدرسة ذاتها.

قلت لعيسى: مشكلة التربية والتعليم في السعوية ليست في المناهج ولا المبنى المدرسي ولا في الوزير نفسه.. كل هذه الكفاءات في الدولة اليوم هي نتاج ذات البيئة والمنهج والمبنى.. مشكلة التعليم الرئيسية خلال العشرين سنة الماضية في إدارات المدارس.. أصبحت المسألة مجرد تكليف وبرستيج تربوي!

الخلاصة: أعطني إدارة مدرسة ناجحة أعطيك كفاءات منضبطة.. ومخرجات صحيحة.. وبيئة مدرسية صحية.

أعطني إدارة مدرسة رخوة، ضعيفة، فاشلة، أعطيك فشلاً ذريعاً في كل أركان البيئة التعليمية والتربوية.

لماذا نكرر الكلام.. ما الفائدة من تقليب المواجع.. انتهت الحكاية.. ماتت الطفلة "وهب" وتم دفنها.. وجوارها، كغيرها من الضحايا الأبرياء، تم دفن ملف القضية، ورفع جوار القبر: قضاء وقدر.