للعام الواحد والعشرين يغيب مدفع رمضان الذي اعتاد أهالي المدينة المنورة على سماع صوته وارتبطوا به وجدانيا بمواقف وعواطف وأناشيد وأسمار وأفراح ويطربون لصداه عندما يصدح إيذانا للصائمين بالإفطار.

وعلى الرغم من تعلق الأهالي بصوت مدفع رمضان الذي ارتبط ظهوره بهلال الشهر الفضيل وغيابه, إلا أن أهالي المدينة المنورة لا يزالون يفتقدونه هذا المعلم منذ أكثر من 21 عاماً بعد أن حلت الوسائل الحديثة ومكبرات الصوت ووسائل الإعلام مكانه وبقي في ذاكرة أهالي طيبة.

وأوضح الباحث بتاريخ المدينة عدنان بن عيسى العمري أن مدفع رمضان من العادات المصرية التي انتقلت للحجاز إبان القرن الرابع عشر بسبب تردد كثير من العائلات والأسر المصرية للحجاز.

وعن بداية دخول المدفع الذي صنع للمواجهات في الحروب لطقوس الشهر الفضيل يقول العمري، إن بدايته عندما قرر والي مصر "خوشقدم" أن يجرب مدفعا جديداً أهدي إليه من قبل أحد الولاة وصادف انطلاق صوت المدفع مع أذان أول يوم من رمضان مما دفع أهالي وشيوخ سكان مدينة القاهرة إلى القدوم لوالي مصر "خوشقدم" وتهنئته بالطريقة الجديدة الذي استحدثها للإعلان عن موعد إفطار الصائمين فاستحسن ترحيبهم ورفعه لجبل (المقطم) بالقاهرة ليسمعه جميع من فيها، ومن ذلك الوقت دخل المدفع في طقوس الشهر الفضيل.

وأضاف العمري يتم تجهيز المدفع بالذخيرة اللازمة "قذائف صوتية" يتم استخدامها طيلة شهر رمضان وحتى أول أيام عيد الفطر المبارك حيث يطلق طلقة عند دخول وقت الإفطار وأخرى عند دخول وقت السحور وطلقتين للإعلان عن الإمساك يوميا بإجمالي 120 طلقة تقريبا حتى ارتبط اسم الجبل الواقع عليه مدفع رمضان بنفس اسم المدفع وأطلق عليه سكان المدينة المنورة اسم "جبل المدافع" الذي اشتهر بعد أن بدأت طلقات مدفع رمضان تنطلق منه إيذانا بدخول الشهر ووقت إفطار الصائمين. وذكر المواطن عبدالعزيز مقبل العوفي اعتدنا على سماع صوت المدفع وجدانيا مع إطلالة شهر رمضان المبارك، وتمنى عودته من جديد كتراث مديني حافظت عليه المدينة لعقود مبينا أن الأهالي أصبحوا يمسكون حتى يسمعوا صوت المدفع بالرغم من سماع الأذان ويفطرون على سماعه لتميزه برونق خاص في شهر رمضان المبارك. ويقول فهد الجابري إنه اعتاد هو وعائلته في كل عام على سماع صوت المدفع لسنوات طويلة قبل أن يحال للتقاعد ويرفع من جبل سلع الشهير في المدينة الذي ارتبط اسمه باسم المدفع الذي أحبه أهالي المدينة. وذكر أن بعض الأسر كانت تتسابق لأسطح المباني القريبة من جبل المدافع الذي يقع على شارع سلطانة القديم والقريب من الحرم النبوي لمتابعة لحظة انطلاق المدفع عند غروب الشمس وجميع الأنظار تتجه نحو الجبل، لافتا إلى أنه كانت له نغمة جميلة وصوت مفرح يختلف عن أصوات المدافع الأخرى.