مصر وإسرائيل، وهما البلدان اللذان لهما حدود مع غزة، كلاهما موقعان على اتفاقية جنيف الرابعة، ومع ذلك فإن الإجراءات التي اتخذها البلدان مؤخرا باسم "مكافحة الإرهاب" تهدد حياة الأطفال وكبار السن في غزة ومستقبل جميع مواطنيها على المدى البعيد. فقدان الوقود في قطاع غزة يعود إلى ارتفاع أسعار الوقود والتي من المستحيل أن تتحمله السلطات في غزة.

محطة معالجة مياه الصرف الصحي ليست البنية التحتية الوحيدة التي لا تعمل. تقول تقارير وكالة أنباء معان الفلسطينية، إن محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة لا تعمل منذ بداية نوفمبر، وذلك بسبب نفاد وقود الديزل من المصنع الوحيد بسبب الحصار الإسرائيلي منذ سبع سنوات. فتحت محطة الكهرباء في 2012 وذلك بعد أن تم استهدافها في عام 2006 من قبل غارة جوية إسرائيلية. تولد محطة توليد الكهرباء حوالي 30% من إمدادات الكهرباء في غزة، في حين يأتي الباقي من مصر وإسرائيل مقابل سعر مرتفع.

منذ عام 2006، يعاني الفلسطينيون من الحصار الاقتصادي الخانق، وهم بالكاد يؤمنون بعض حاجاتهم الأساسية من خلال الأنفاق من غزة إلى مصر، وكما قالت وكالة معان للأنباء، "إنه شريان حيوي للقطاع وسط الحصار الإسرائيلي الخانق". ولكن في يوليو 2013، بدأت السلطات المصرية حملة لإغلاق الأنفاق وذلك بهدف منع تدفق الإرهابيين من غزة إلى سيناء، حيث قام العديد من الإرهابيين بقتل القوات المصرية.

كانت الأنفاق بين غزة و مصر طريقا بديلا للحصول على الوقود لتشغيل المولدات وكانت تكلفتها نصف السعر الذي يأخذه الإسرائيليون.

الحصار الذي أصبح أسوأ في عام 2009 حين شنت إسرائيل حملة وحشية في 27 ديسمبر سميت "عملية الرصاص المصبوب" حاولت القضاء على حماس في غزة لكن دون جدوى. قامت القوات الإسرائيلية في أقل من 30 يوماً بتدمير البنية التحتية الحيوية بما في ذلك محطات توليد الكهرباء ومنشآت الصرف الصحي ومحطات معالجة المياه والمخابز والمنازل والمدارس والمرافق الطبية، بالإضافة إلى قتل حوالي 1400 فلسطيني، من بينهم ثلاثون من المدنيين و340 طفلاً.

هذه الأضرار التي سببتها عقود من الاحتلال الإسرائيلي والحصار، تلاها الانتقام الإسرائيلي منذ 2006 هيأت هذه المهزلة الأخيرة، وهي تدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة في شوارع مركز مدينة غزة.

الأستاذ فرانسيس بويل أستاذ القانون الدولي في جامعة الينوي في يناير 2012 قيم معاملة إسرائيل لغزة على أنها تشكل انتهاكاً لاتفاقية 1948 بشأن الإبادة الجماعية. وقال بويل "إن ما نراه في غزة الآن يعتبر إلى حد كبير إبادة جماعية بطيئة الحركة ضد مليون ونصف فلسطيني يعيشون في غزة. إذا قرأ المرء اتفاقية 1948 فإنها تنص بوضوح على أن إحدى حالات الإبادة الجماعية هي التدمير المتعمد لمقومات الحياة بحيث يسبب ذلك الدمار المادي للناس، سواء كان ذلك جزئيا أو كلياًّ." وتابع بويل قائلاً: "وهذا بالضبط هو ما تم القيام به في غزة منذ فرض الحصار الإسرائيلي". "ومن ثم فإن قتل 1400 فلسطيني أيضا، ثلثاهم من المدنيين في عملية الرصاص المصبوب، تثير عنصر القتل والتعذيب والأشياء التي من هذا النوع في اتفاقية الإبادة الجماعية أيضا".

بشكل مأساوي تم توجيه اهتمام العالم الغربي من خلال وسائل الإعلام لمحنة الفلبين بعد تدميرها بإعصار (يولاندا) في مطلع نوفمبر، لكن الغرب تجاهل غزة بشكل تام. يعيش الأطفال في غزة ظلاما كاملا لمدة 12 ساعة متواصلة ثم تأتي الكهرباء لمدة 3 أو 4 ساعات ثم تعود للانقطاع لمدة 12 ساعة أخرى. يقوم الطلاب بالدراسة على ضوء الشموع حتى في المدرسة. تتوقف مولدات المشافي الكهربائية بسبب انقطاع الوقود؛ تستيقظ الأمهات في الساعة 3 – 4 صباحا لإرسال أبنائهن ليذهبوا ويحضروا الماء الذي لن يصيبهم بالتسمم؛ يستخدم سائقو الأجرة زيت الطهي بدلاً عن الوقود. غزة هي وباء ينتظر أن يحدث.

إن الخطر ليس جديداً وليس سراًّ. في تقرير صدر في أغسطس 2012 أفاد البنك الدولي "في إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، هناك حاجة ماسة إلى إمدادات مياه يمكن الاعتماد عليها في قطاع غزة. الموارد المائية النادرة تحدٍّ إنساني وتنموي. البيئة تختنق بسبب مياه الصرف الصحي غير المعالجة، مما يهدد صحة وحياة السكان الفلسطينيين". حتى في وقت سابق، في 2010، حذر البنك الدولي من الظروف الاقتصادية في غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي.

بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، والتي اعتمدت في 1949، فإن الشروط المفروضة على غزة ليست أقل من العقاب الجماعي المفروض على الناس الأبرياء. الاتفاقية المعنية بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، تقول اتفاقية جنيف الرابعة: "لا يجوز معاقبة أي شخص على جرم لم يرتكبه شخصياًّ. العقوبات الجماعية وجميع إجراءات التخويف والإرهاب محظورة... تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص وممتلكاتهم". (المادة 33).

ربما يجب على كل دبلوماسي في الأمم المتحدة وكل سفير وكل رئيس دولة أن يحمل معه نسخة من اتفاقية جنيف الرابعة. فإنها لا تنطبق فقط على الأطفال الفلسطينيين، ولكنها تنطبق على جميع الأطفال، هذا هو القانون.