قد لا يعجبنا الصيام في رجب ولا بأس لكن إن لم يعجبنا الصيام في رمضان فلدينا مشكلة حقيقية!

والعرب إجمالا لا يعجبهم شيء ولا يرتاحون لشيء، ويقضون العمر في صدام وخصام، ولم يفلح أحد بجمع شتاتهم وإقناعهم بالأخوة والمحبة، وجنت عليهم ضغوط الحياة والتحديات الاقتصادية فأصبحوا مكتئبين على مدار الساعة، ولو تتصفح نفسياتهم من خلال مدوناتهم وتعليقاتهم على الأخبار أومناقشاتهم الدائرة تحت ملفات (اليوتيوب) أصابك الإحباط إن كنت مسالما، وتملّكتك النقمة إن كنت غير ذلك فتسمع صداها صريراً في أسنانك وتراها مخالب تسابقك للدخول في المعركة، فالكلمات ليست كلمات بل ذئاب متحفزة لافتراس الآخر، والنقمة تخيم على الأنفس، وغيمة السوداوية تخنق الأنفاس وتشل حركة الطيران وتحول دون التسامي والكآبة وبائية!

تقرأ التعليقات فتدهشك العبقرية في اختراع الخلافات، والإقدام على السباب والشقاق كالإقدام على جمع الغنائم! وتفاجأ بأنه لا عربي يطيق عربيا، ولا عربي يحترم عربيا، فتتساءل: (هو محد يعرف يرتاح في البيت العربي؟!)

وإن أحببت العودة للديار هربا من الخلافات فأنت متفائل جدا، لأنك ستجد خلافا كبيرا يظهر بلا سبب في كل مكان، فإن قرأت خبر افتتاح مدرسة في الخرخير وجدت كل من ليس في الخرخير حاقدا ناقما: لماذا الخرخير؟ وإن قرأت خبر القبض على متجاوز ما في منطقة ما وجدت كل من ليس من منطقته شامتا ناقما مدعيا الكمال له ولمنطقته فينشأ الصدام بين سكان مدينة الحدث وكل من عداهم، وإن قرأت مقالة انتقاد وجدت التعليقات تهاجم الكاتب (ومن يتشدّد له) لأنه لا يعجبه شيء، ولا يستطيع رؤية أي جانب مشرق في البلد، وإن قرأت مقالة ثناء صبّوا جام غضبهم لأنه مشغول بالتطبيل عن قضايا البلد!

فتجد نفسك في حالة ذهول تفقدك السيطرة على اللغة وتنسيك تركيب الجمل وتجد أن الذي كتب أغنية (ليش نحنا تضاربي؟!) كان ضحية هذه المطالعات المحبطة التي تصيب اللغة بالشلل الرباعي!

فعلا (ليش نحنا تضاربي) وماذا تحقق بيننا من أدبيات الحوار وقيم الأخوة وفضائل أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك وحسن الظن وحسن التعبير؟!

وماذا حقق مشروع الحوار الوطني بيننا؟! وإلى متى ونحن (تضاربي في تضاربي)؟!