إنجازات القناة الأولى في التلفزيون السعودي تأتي دائما من العيار الثقيل، فالقائمون عليها - في نظري- لهم رؤية خاصة تعتمد على عنصر المفاجأة – مهما كانت - ويؤمنون بأن المنافسة هي أن تأتي بما لم يأت به الأوائل.
ولأن المنافسة قائمة على قدم وساق بين عشرات القنوات الفضائية؛ جاءت قناتنا "المبجلة" هذا العام بمفاجأة خارج السرب، وحققت إنجازا كبيرا مختلفا عن بقية القنوات الفضائية؛ إذ استقطبت المسلسل الكارتوني "مسامير" الذي لم يجد له طريقا للعرض إلا عبر موقع "يوتيوب"، وقدمته لجمهورها "العزيز" في الوقت الذهبي الذي تحشر فيه القنوات الفضائية عشرات الأعمال الفنية لأبرز نجوم الكوميديا بعد أن اشترت أعمالهم حصريا بملايين الريالات، للفوز بأكبر جزء من كعكة الموسم.
لا أعلم سر عرض هذا المسلسل الكارتوني، ولكني أتساءل، هل هي ثقة مفرطة من القائمين على القناة الأولى بأن الجمهور لن يغادر قناته الأصيلة؟ أم أن القناة عجزت عن المنافسة، وخرجت عن إطارها، ورأت أن تأتي بشيء مختلف؟ أم أنها اعتبرت أن شريحة الأطفال ليس لهم "بعد الله" إلا هي، فقدمت لهم هذا العمل، في الوقت الذي اتجهت فيه جميع القنوات للشرائح الأخرى؟!.
مسلسل "مسامير" يناقش بأسلوب ساخر قضايا فكرية واجتماعية مستوحاة من مقالات صحفية لكاتبه الشاب فيصل العامر، إلا أنه لا يرقى لأن يكون منافسا للأعمال الفنية التي تعرضها الفضائيات لأبرز النجوم وقت الذروة.
أكاد أجزم أن مسلسل "مسامير" لو استمر عرضه على موقع "يوتيوب" كما كان سابقا لحظي بمتابعين أضعاف ما سيتابعونه على القناة الأولى، فالمشاهد الذي تتعدد لديه الخيارات على قناة بحجم القناة الأولى ليس بحاجة لمشاهدة مسلسل كارتون موجه للأطفال.
ليس هناك اعتراض على استقطاب هذا العمل من قبل القناة ودعمه وتطويره، وخاصة وأن "يوتيوب" أصبح نافذة لا يستهان بها للعديد من المبدعين، ولكن الاعتراض على تقديمه في وقت الذروة، الذي ينتظر فيه المشاهد من كل القنوات أفضل ما عندها. عرض مسلسل "مسامير" في هذا الوقت ليس إلا مؤشر عن إفلاس القناة الأولى، وكان من المنتظر أن تقدم عملا أقوى، وبث العمل الكارتوني قبيل الإفطار، وهي الفترة التي تحتاج الأسر فيها إلى برنامج موجه للأطفال.
ليس سرا أن الثقة في القنوات الرسمية لم تعد كما كانت، في ظل تعدد وسائل العرض، وتنافس الفضائيات. ولكن لعل أصحاب القرار في هيئة التلفزيون السعودي يدركون ذلك، ويعيدون النظر فيما يقدمون للمشاهد الذي يبحث عما يجذبه، ويخاطب عقله.