رغم مرور نحو 139 عاماً على إنشائه؛ ما يزال مسجد "البديوي" في محافظة الوجه قائماً بكل ملامح التاريخ الذي يحمله، فيما يحرص زوار المنطقة على زيارته واسترجاع ذكرياته التي تكشف جانباً من الحياة الاجتماعية بالمحافظة.

ويعتبر مسجد "البديوي" أحد المساجد المعمرة والقديمة في محافظة الوجه، حيث قام بإنشائه الشيخ بديوي علي شحاتة عام 1295. وهو من المساجد التاريخية التي ورد ذكرها على لسان عدد من المؤرخين الذين زاروا المحافظة، ومنهم المؤرخ خير الدين زركلي.

"الوطن" التقت بالشيخ عبدالحفيظ عباس الفقيه، أحد أقدم المؤذنين بالمحافظة، والذي مارس العمل في المسجد، حيث ذكر أنه يعمل بالمسجد كمؤذن منذ عام 1375، وأن عمره في ذلك الوقت كان 8 أعوام، عبر الصعود إلى أعلى المنارة لكي يقوم بالأذان، وعندما بلغ الـ13 عاما تم تعيينه مؤذناً رسمياً عن طريق محكمة الوجه لعدم وجود إدارة للأوقاف في ذلك الوقت، براتب 150 ريالاً، وفي عهد الملك خالد تم رفع راتبه إلى 250 ريالا. ويضيف العم عبدالحفيظ أن المسجد تواتر عليه أئمة كثر، وجميعهم من أجداده، من الجد السابع وإلى عصرنا الحاضر، ويقول "أول إمام للمسجد هو جدي السابع الشيخ محمد أحمد عيسى، رحمه الله، ومن بعده أتى أبناؤه وأحفاده، والآن يقوم بالإمامة والخطابة حفيده الشيخ عبدالجليل بكر عيسى، وهو ابن عم لي".

ويكمل حديثه عن المسجد أنه يذكر تقريبا في عام 1376 تم تركيب أول ميكروفون في المسجد، ولا تقام صلاة الجمعة إلا في هذا المسجد في ذلك الوقت، وأيضاً كانت تقام فيه صلاة التراويح. وكانت تقام فيه الكتاتيب، وهي عبارة عن حلق لتحفيظ وتعليم القرآن، وكان يتولى ذلك الشيخ محمد أحمد الفقيه وابنه الشيخ علي.

وعن الأجواء الرمضانية في المسجد، يضيف العم عبدالحفيظ أن الأهالي كانوا يصنعون الطعام في منازلهم ثم يأتون به إلى المسجد لتفطير الصائمين، وكانت أبرز الوجبات التي تقدم "الكعك والتمر واللبن".

الشيخ عبدالحفيظ، يحتفظ بفخر بتلك اللحظة التي تمكن فيها من رفع الأذان في المسجد النبوي، ويقول "لحبي وشغفي بالأذان ذهبت للمدينة عام 1403 وقمت بالأذان بالمسجد النبوي الشريف، حيث سُمح لي بالأذان في صلاة الظهر وقمت بالأذان بالحرم النبوي ثلاث مرات فقط كمؤذن زائر، وهو عمل افتخر به إلى الآن".

ويذكر إمام وخطيب المسجد الحالي، الشيخ عبدالجليل بكر، أن المسجد قام بتأسيسه بديوي شحاتة، رحمه الله، وأن التاريخ الثابت حالياً والذي ذكره كبار السن هو 1295، مشيراً إلى أن المسجد تميز بوجود الكتاتيب، لافتاً إلى أن ماء الوضوء كان يجلب من بئر مخصصة لذلك بالقرب من المسجد.

من جانبه، ذكر أمين عام اللجنة السياحية بالمحافظة، إبراهيم الشريف، أن المسجد يعتبر معلما من معالم البلدة القديمة بالوجه، ويتميز بالعمارة والزخرفة الإسلامية القديمة، وقربه من قصر الإمارة القديم الذي كان يسكن فيه أمراء الوجه آنذاك، ويزوره الكثيرون من السياح الذين يزورون المحافظة نظراً لروعة بنائه القديم.