المقربون من الوسط الفني يعلمون جيدا أن الأغنية السعودية صارت تحت سيطرة فئة من أهل الفن هم أقرب إلى "الهوامير"، فلا تستغرب إن وجدت ألبوما كاملا يضم 10 أغنيات كتب كلماتها شاعر واحد، ولحنها ملحن واحد، أسوة بالواحد المطرب.

العجيب في الأمر أن هذا الواحد، الملحن أو الشاعر، غير معروف لدى الجمهور سوى بالاسم، وغالبا ما يكون هذا الاسم مستعارا "نك نيم"، وحين تبحث عنه بين دهاليز الفن وتاريخه، ستجد أن بعض هؤلاء لا وجود لهم على أرض الواقع، وهم مجرد أسماء تحضر على الألبومات الغنائية فقط، وتبقى التفاصيل رهن المجهول.

ليست القضية أن يتخفى الشاعر والملحن تحت اسمه المستعار، فهذه الحالة موجودة في تاريخنا الفني، وقد ظل الشاعر الأمير خالد الفيصل مقرونا بـ"دايم السيف" ردحا من الزمان، حتى وجد اللحظة المناسبة وكشف عن هويته، وغيره أمثلة كثيرة، ونحسب أن هؤلاء الشعراء والفنانين ينتظرون اللحظة المناسبة فقط.

لكن الإشكالية في الاستحواذ الكامل على الفنانين وألبوماتهم، بما يفقد الفنان قدرته على تعددية العطاء، والتعاون مع شعراء وملحنين آخرين يبحثون عن فرصة الظهور ولديهم من الموهبة ما يفتح لها سلما موسيقيا مدوزنا بالنجاح والتغيير في شكل ومضمون الأغنية بما يتناسب مع الواقع المتغير واهتمامات جمهورها الشاب.

نحترم بكل تأكيد تجربة هؤلاء مهما كانت هوياتهم، لكن طريقتهم في السيطرة على فنان معين وربما إلزامه بطريقة أداء معينة، تبتعد تماما عن هوية الفن الحقيقي التي تقوم على التنويع في اللحن والإيقاع والكلمة والروح، فالمتلقي ليس واحدا وكذلك الشاعر والملحن ليس من المفترض أن يكون واحدا.