• قبل ثلاثة عشر عاما كنت أسكن في حيّ القرى بمدينة أبها، في الجزء المطلّ على جامعة الملك خالد. كان أحد الجيران في منزلٍ مجاور شخصاً هادئاً بشوشاً وبالغ اللطف. مرّ الوقت ونحن نتبادل التحايا الودودة والعابرة في مصادفات الخروج من بيوتنا أو العودة إليها، كان شخصاً يدفعك لاحترامه تماماً دون أن تعرف من يكون، ثم انتقلت إلى السكن بمكانٍ آخر، ثم إلى جدة. وفي عام 1428 وبعد قيام جامعة جازان بعام واحد، قرأت خبر تعيين الأستاذ الدكتور محمد علي آل هيازع مديراً لها. رأيت الصورة، إنه ذلك الجار الهادئ واللطيف نفسه، ثم حدث وشرفت بلقائه والتعرف عليه عن قرب في إحدى الفعاليات التي أقامتها الجامعة قبل عامين، وكنت مدعواً لها، وكان هو هو، بذات البشاشة والإيحاء الودود والاحترام.
• معالي الدكتور محمد آل هيازع، بمسيرة مليئة وإنجاز يستحق كل التقدير، يقود جامعة جازان منذ 14 ذي القعدة 1428 متقدماً بها في وقتٍ قصير من عمرها، وبنجاحات متلاحقة، بعيداً عن "شوشرات" الضوء والإعلام والسجالات، بل بالعمل والمثابرة والجهد والتطوير، لتكون واحدة من أكبر وأهم الجامعات لدينا، بأربع وكالات وتسع عمادات مساندة، يدرس تحت مظلتها قريباً من ستين ألف طالب وطالبة، في ست وعشرين كليّة، مُخصصاً للمدينة الجامعة موقعا كبيرا بلغت مساحته ( 9,000,000) م2 على ساحل البحر الأحمر شمال مدينة جازان. منذ تأسيس الجامعة في الرابع عشر من شهر شوال 1427، والمشاريع فيها على قدمٍ وساق، تمّ الكثير منها، والباقي قيد العمل، وقد نشرت صحيفة سبق الإلكترونية قبل أربعة أشهر صوراً جوية بغاية الروعة للجامعة وما يحدث فيها من إنجاز وعمل يدعوان للفخر والأمل.
• في العام الماضي وهو يتسلم جائزة الأمير محمد بن ناصر للتميّز، قال الدكتور محمد آل هيازع: "لعله من لوازم الحال ألا تتحدث الأقوال نيابة عن الأفعال، فأي كلمات هي تلك التي تستطيع هذا المساء أن تحتفي بزفاف منطقة غالية إلى ذروة الفعل الوطني المبارك، وأي جُمل هي تلك التي تحاول توصيف الفعل التنموي في هذا الجزء الغالي من خريطة الوطن".
• إذاً هو الشخص نفسه، بسماحة طبعه وأدبه الجمّ، بتحياته وابتسامته، يعمل في صمت، ويتقدم بهدوء، وكلما قدم شيئاً، أحاله بتواضعٍ صادق وحقيقي إلى المكان، إلى الوطن، إلى فريق عمله ومنسوبي جامعته. وكم بلدنا بحاجة إلى مثل هذا النموذج الذي يعمل.. يعمل بنظافة يد وقلب، تاركا لأفعاله وما يقدمه يتحدث عنه.. ألف تحية.