لا يخفى على الكثير منا فضل أداء العمرة وخصوصاً في شهر رمضان المبارك، وما يعدل أداؤها، وما هو جزاؤها كما أخبرنا بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي أخرجه البخاري قوله عليه الصلاة والسلام: "عُمرةٌ في رمضان تعدل حجة"، وفي رواية أخرى "تعدل حجة معي"، لهذا نجد التنافس الكبير من جميع المسلمين ومن كل مكان في العالم من أجل الفوز بهذا الأجر العظيم، ولكن البعض - هداهم الله - يُبحر ويتعمق في الحرص الزائد على ذلك الأجر، الذي أخبرنا عنه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فنجده يقوم بتأدية العمرة في شهر رمضان أكثر من مرتين أو ثلاث، وهو بذلك العمل قد نسي بأنه بذلك يشق على نفسه ويحرم غيره من أداء العمرة نتيجة الزحام الذي يسببه هو ومن على شاكلته، ولا يتبادر إلى ذهنه كم من الأجر العظيم والجزاء الكبير الذي سوف ينعم به ربنا - جلّ وعلا - عليه لو ترك هو ومن يعمل عمله من تكرار للعمرة والحج، خصوصاً مع توافق شهر رمضان المبارك وموسم حج هذا العام مع التوسعة المباركة، التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله - من أجل التخفيف من الزحام، الذي يعانيه الحجاج والمعتمرون والمصلون، ومن ذلك توسعة المطاف حول الكعبة المشرفة لكي يتسع إلى أكثر من 105 آلاف طائف في الساعة، وبحيث تصل الطاقة الاستيعابية للتوسعة الجديدة للحرم بحدود 1.200.000 (مليون ومئتين ألف مصل)، ولذلك من باب المساهمة والمساعدة في عملية تنفيذ تلك التوسعة بأسرع وقت وعلى أكمل وجه فقد حرص المسؤولون - وفقهم الله - على التنبيه إلى التقليل من أداء العمرة ومحدودية زيارة المسجد الحرام في هذه الفترة الحرجة، وذلك حرصا منهم على سلامة الحجاج والمعتمرين والتسهيل عليهم وتمكينهم من أداء مناسكهم على أكمل وجه وفي أجواء روحانية إيمانية، تسودها الإلفة والمحبة والرحمة وعدم التدافع والتزاحم في أداء مناسكهم وعباداتهم، لذلك أقول ومن باب الاستجابة لذلك النداء فإنه يجب على كل مسلم قد نوى أداء العمرة بأن يحاول بأقصى جهده التقليل من فترة تواجده وبقائه في الحرم، وأن يحتسب الأجر في ذلك في سبيل تخفيف المشقة على غيره والتمكين من أداء العمرة بعيدا عن الزحام، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب التيسير على المسلمين كما أخبرنا ربنا - جل وعلا - في قوله: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)، وكما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وابشروا).

في الختام رحم الله من خفف على المسلمين بتأجيله أداء العمرة إلى الوقت المناسب، خصوصا بما يستوجب منا الوقوف والمساندة من أجل إنهاء تلك المشاريع الخيرة، التي تهدف إلى التسهيل على المسلمين وتخفيف المشقة عليهم.