ليس أسوأ من أن تصبح فارغا من أي شيء، ثم أن يكون أمامك جهاز "تلفاز" تطل من شاشته بعض القنوات الرياضية! "حياكم الله في الأستديو التحليلي لمباراة هذا المساء"، قالها المذيع ثم اختفى ليتركك غارقا وسط كمية هائلة من مفردات "اللت والعجن" التي نطق بها المحللون، والتي تنتمي إلى أي شيء باستثناء انتمائها للتحليل الرياضي، ذلك "اللت والعجن" لن يتوقف حتى يأذن الله بفاصل إعلاني!
ضغطة "زر" صغيرة كفيلة بتخليصك من هذا الصداع، إلا إن كانت ضغطتك قد حوّلتك لقناة رياضية أخرى تنقل مباراة بصوت "معلق" لا يجد فرقا كبيرا بين التعليق على مباراة "كرة قدم"، وبين التعليق على "سباقات الفروسية"، هنا ستنحصر الخيارات أمامك؛ إما بالانتقال لقناة أخرى، أو المتابعة على القناة ذاتها ثم زيارة طبيب "أنف وأذن وحنجرة" على وجه السرعة!
حسنا.. هل اخترت الانتقال لقناة ثالثة؟ نزعم أنك اخترت الصواب، باستثناء أن تكون وجهتك القادمة قناة رياضية تحوي "مجلسا" لا يتورع ضيوفه عن النطق بكل الألفاظ اللائقة وغير اللائقة، وهنا يمكنك الانسحاب تكتيكياً بضغطة "زر"!
أما إن كنت مصرا على مواصلة المشاهدة، فلا يسعنا سوى تحذيرك من أن هذا البرنامج سيتحول بعد الواحدة صباحا إلى أحد أفلام "الأكشن"، حين يهدد أحد الضيوف بقطع رأس زميله، فيما زميله الآن يشمر عن ساعديه للانقضاض عليه!
في قناة رابعة، الضيوف هنا بدوا وكأنهم قد صاموا عشر سنوات عن الكلام، الكل يتحدث في اللحظة ذاتها، وفي التوقيت نفسه، أما أنت فعليك تفحص قائمة جهاز استقبالك للبحث عن برنامج رياضي جديد!
هنا مشهد آخر لبرنامج "عاشر"، يظهر في الأستديو الذي يعيدك للخلف 20 سنة كاملة، ثلاثة ضيوف عن اليمين اصطفوا بشكل مناسب جدا للانقضاض على الضيوف الثلاثة الآخرين على شمال الشاشة، ربع ساعة هناك لن تكون كافية للخروج بمعلومة رياضية مفيدة! ليصبح البرنامج بامتياز أحد أهم مصادر التلوث الضوضائي!