مع تسارع وتيرة الحياة وتغير الأجيال واختلاف الأعمار، اندثرت كثير من "العادات الرمضانية" التي كانت بمثابة حلقة الوصل بين أفراد المجتمع وسبيلا للتواصل الاجتماعي والفكري والثقافي بين الجيران وسكان الحي وقاطني المدينة في الطائف.
وأكد الأخصائي الاجتماعي عبيدالله الحارثي أن معول الهدم في كثير من العادات الجميلة التي نفتقدها حاليا بشهر رمضان المبارك تكمن في تزايد أعباء الحياة وانشغال أفراد المجتمع رجالا كانوا أو نساء بالعمل أو تربية الأبناء، كما أن الثورة المعلوماتية كان لها نصيب الأسد وراء اختفاء عادات كثيرة كانت راسخة في أجيال عددية ماضية، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي وثورة التقنية بمجال التواصل ومجموعات "الواتساب" وغيرها، إضافة إلى غياب الدور الحقيقي للزوج والزوجة في غرس المفاهيم والقيم القديمة في أهمية صلة الرحم والمحافظة على العادات الجميلة التي كانت تنمي في الشخص شخصيته الإسلامية بطابع حضاري وحديث.
وأضاف الحارثي أن المهمة تقع على عاتق الأسر ومن ثم المدرسة وأخيرا المؤسسات المدنية والإعلام الحديث في المحافظة على تلك العادات وإبرازها، التي جعلت لشهر رمضان في حياة كثير من الأجيال السابقة معنى وقيمة.
وأشار عبدالرحمن العوفي إلى أن أجمل ما افتقده من عادات رمضانية كانت تتمثل في تبادل الأطعمة والمأكولات المنزلية بين الجيران "التي كنا نحملها ونحن صغار لمنازل الجيران قبل الإفطار ونجد ترحابا ومودة من قبل الأسر وفرح واعتزاز بما نفعله بشهر رمضان".
وذكر سليمان الزايدي ما كان يفعله والده من حرصه على أخذه هو وإخوته لزيارة الفقراء وتوزيع وجبات الإفطار، وحرصه الدائم أن نكون معه وأن نقوم بالتوزيع والبحث عن هؤلاء الفئة بالحي الذي نسكنه دون أن نعلم المغزى، وعندما كبرنا أحسسنا بقيمة العمل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
واستغرب عفان القرشي غياب التجمعات الرمضانية قبيل الإفطار التي كانت تميز الحي ويجتمع فيها الكبار لسرد القصص الجميلة عن شهر رمضان، وكنا ممن يحضر تلك التجمعات حتى أنهم كانوا يخبروننا ويقومون باللعب معنا في مشهد يمتزج فيه أفراد الحي صغارا وكبارا من مختلف الأعمار، ولم نعد نرى مثل تلك الأمور تحدث حاليا.