من الطبيعي أن يتضايق الإنسان من ازدحام شوارع العاصمة، ومن الطبيعي أن يفصح عن تذمره من تأخر بعض الخدمات الحكومية هنا أو هناك، لكن المزعج هنا أن يحاول البعض أن يتكسب من وراء هذا النقد؛ بطرح حلولٍ مبهمة وأفكارٍ عامة، أقل ما يمكن أن توصف به أنها "عموميات" ضائعة، بلا فائدة تذكر!

وللأسف فإن هذا الأسلوب في طرح الحلول لم يعد حكراً على ثلّة من كتاب الرأي بالصحف، أو الضيوف الدائمين في القنوات الفضائية، بل تجاوزهم إلى رواد الاستراحات، وبالذات من العاطلين أو المتذمرين من كل شيء. فكل ما يحتاجه الأمر مجرد الحديث عن القضية بشيء من السلبية المغلّفة بهجوم غير مبرر على منظومة التعليم، وعلى أسلوب حياتنا اليومية، وعلى كل شيء تقريباً، وكأن صاحبنا ليس واحداً منا! ثم يتبع ذلك سرد حلٍ بسيطٍ غير جديدٍ للمشكلة، يكاد يكون عنواناً لأحد حلولها من فرط اختصاره، كمن يقول إن حل مشكلة الازدحام هي بتوفير "النقل العام"! هكذا دون أي تفاصيل أو معلومات، ويزيد الطين بلّة بمحاولة المقارنة العارضة بأي شيء، ورغم أن المقارنة أسلوب فعالٌ في التطوير وابتكار الحلول، إلا أن ضرورة وجود قواسم مشتركة بين طرفي المقارنة يعتبر أحد أهم خصائصها.

طرح الحلول يستلزم إدراكاً واسعاً للتفاصيل، وفهماً للعوامل الداخلية والخارجية المؤثرة على أي مشكلة دون إغفال أن بعض المشاكل قد تكون مجرد عوارض جانبية لمشاكل أخرى كامنة متى ما حلّت القضية الأساسية؛ انتهت عوارضها الجانبية.

خلاصة الحديث: من حقك أن تطرح رؤيتك لحل أي مشكلة مهما كانت معقدة أو بعيدة عن دائرة تخصصك، ولكن بعد أن تكون مدركاً لجوانبها ومستوعباً للظروف المؤثرة عليها، حينها حتماً سوف تطرح شيئاً مفيداً، وبالتأكيد بعيداً عن العموميات.