على الرغم من تعدد وسائل التواصل الاجتماعي وتنوع معطياتها الإيجابية، إلا أن تلك الوسائل أضحت مصدر قلق للكثيرين، فقد برزت مؤخراً العديد من النواحي السلبية لاستخدام تلك الوسائل، ومنها ظاهرة "الابتزاز"، التي ساعد في تفشيها ما تمنحه تلك الوسائل من الحرية للمستخدمين وخاصة إمكانية إخفاء الهوية، الأمر الذي دعا مستخدمي وسائل التواصل للمطالبة بسن عقوبات أكثر صرامة تجاه أصحاب النوايا السيئة أو ما يطلق عليهم "المبتزون".
وتقول المواطنة ريم العتيبي أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة للتشهير بالآخرين، وطريقة سهلة لابتزاز أي فتاة. وتضيف البعض يضع صورته كخلفية ويذيلها بكلمة "لا أحلل" ظناً منه أن الجميع يخشى هذه الكلمة أو يكـون لديه ضـمير حـي، فيـفاجأ بـنشر صورته عبر "تويتر" أو "فيس بوك" من قبل أشخاص آخرين.
فيما تـصف المواطنة فوزية البلوي ثقة بعض الفتيات في أشخاص لا يعرفنهم عـبر مواقع التواصل بل ربما كانوا أيضـاً شخصـيات وهـمية واعـتبار هـذه الشخصية الافـتراضية هي "فتى الأحلام" بالغباء العاطفي، حيث لا يظهر لها بصورته الحقيقية إلا بعد إرسال صورتها له، وهنا يبدأ ابتزازه لها وتكون رهناً لما يريده، ومما يزيد الطين بلة خوف الفتاة من الإبلاغ عنه خشية أن يفتضح أمرها.
أما المواطن فالح العنزي فقد أكد على أن استغلال الصور بشكل كبير من قبل بعض المبتزين يعود إلى عدم وجود قانون صارم تجاههم، مشيراً إلى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والشرطة لا يتحركان إلاّ بعد تقديم بلاغ حول النشر.
وافت إلى أن أغلب الفتـيات يخشين من التبليغ لتـفادي عـلم الأهل، وهو الأمر الذي يشـجع "المبتز" على التمادي في نـشر صور ضحاياه في مواقع التواصل، مطـالباً بوجـود أقـسام أمـنية متخـصصة في الشـرطة لمتابعة الجرائم الإلكترونية حتى لو لم يتقدم أصـحابها ببلاغات.
ومن جهته أكد المحامي علاء الحميدي لـ"الوطن" أن هناك نظاما لمكافحة الجرائم المعلوماتـية، يـحدد عقوبات مثل هذه الـجرائم والـتي قد تصل للسجن خمس سنـوات كحد أقصى، مع غرامة تقدر بنصف مليون ريال، مـشيراً إلى ضرورة تحرير شكـوى من "المتضرر" للجهات الأمنية مطالبا فـيها بمعاقبة المبتز، وفي حال تأكدت شكواه يحال إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وتابع الحميدي "إن القضايا التي ترفع من هذا النوع ليست كثيرة مقارنة بالقضايا الأخرى، حيث يغلب على الضحية السعي للستر وعدم اللجوء للـمحاكم والجهات الأمــنية خشـية الفـضيحة، خصوصا في مجتمعنا المحافظ"، لافتاً إلى أن القانون لا يلزم حضور الفتاة المتضررة للمحكمة، ويكتفي بتوكيل محام أو وكيل شرعي في حال مطالبتها بالحق الخاص، داعياً المتضررين من الابتزاز إلى تقديم البلاغات مباشرة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما لها من خبرات كبيرة في التعامل مع موضوع الابتزاز.
وكان موقع "تويتر" قد شهد خلال الأيام الماضية موجة من السخط تجـاه أحـد الحـسابات، الذي قام بنشر صور فتاة والتشهير بها، الأمر الـذي دعا عدداً من "الهاكرز" المشـهورين للتصدي لذلك الحساب وإقـفاله نهـائياً، لكن المشكلة مازالت قائمة حيث إن إغلاق الحـساب ليس حلا عمـلياً لمثل تلك الممارسات، حيث يمكن للمبتز أن يعيد فـتح حساب آخر باسم آخر مستعار أيضاً ويواصل ابتزازه لضحيته.