وقوف المسؤول الأول على حادث كبير يقع هنا أو هناك له علاقة مباشرة بالقطاع الذي يشرف عليه أو يقع تحت مسؤولياته بات أمرا ملاحظا، ولعل ضغط الرأي العام ووعيه دفعا ببعض المسؤولين لمثل هذه الخطوات الميدانية، وإن كان هناك من لا يهمهم الرأي العام ولا يهمهم ما يقال ويكتب عنهم.

جل المآسي التي تقع عندنا ويذهب ضحيتها بشر من أرض هذا الوطن، لا تحتاج لفرق ولجان يأمر ذلك المسؤول بتشكيلها في أول كلمات يدلي بها لوسائل الإعلام في موقع الحدث لمعرفة أسباب الحادث، فمثل هذه العبارات ومثل هذه القرارات باتت تزيد من احتقان الناس وتذمرهم وضيقهم من ذاك المسؤول ومن إدارته أو وزارته، فالناس وأنا واحد منهم، يعلمون أن هناك قصورا كبيرا في موضوع الصيانة والمتابعة والرقابة في جل القطاعات والأماكن، القديم منها والحديث، القائم منها وما هو تحت الإنشاء، ما هو صغير وما هو كبير، فتشكيل الفرق واللجان ما هو إلا قرارات الهدف منها امتصاص غضب الناس واحتواء وسائل الإعلام، فعلى كثرة تلك القرارات وتلك اللجان نادرا ما يصدر بيان يذكر الناس بتلك القرارات وما توصلت إليه تحقيقاتها.

أقول لدينا مشكلة كبيرة، وهذه المشكلة لها علاقة بالرقابة والتفتيش على أولئك المقاولين والشركات الكبيرة التي تبتلع جزءا كبيرا من ميزانية الدولة في كل عام تحت بند الصيانة لكنها لا تنفذ شيئا مما ورد في العقود الموقعة معها، وتبقى المسائل كما هي في كل عام إلى أن تقع كارثة فتشكل اللجان لمعرفة السبب، والسبب واضح جدا ولا يحتاج إلا إلى قرار من صاحب القرار يزيح به أولئك المسؤولين الذين لا يولون قطاعاتهم اهتماما إلا عند وقوع المشاكل.

لن تسعفني مساحة هذه المقالة لأسرد لكم بعضا مما وقع في عامنا الحالي فقط من حوادث ونتجت عنها خسائر مادية وبشرية وكان جليا لنا كلنا باستثناء المسؤول الأول عن تلك القطاعات، أن السبب هو الإهمال وعدم الرقابة وعدم محاسبة المقصرين عن أداء أدوارهم، استذكروا كل ما شاهدتموه بأنفسكم أو اطلعتم عليه عبر وسائل الإعلام المختلفة لتتيقنوا أن جل مشاكلنا تكمن في غياب تنفيذ بند الصيانة وغياب الرقابة وغياب العقوبات، فباتت عقود الصيانة والإشراف ومعها عقود الاستشارات، من أفضل وأسرع المشاريع التي تدر ذهبا دائما وبدون أي جهد وبهامش ربح كامل وكبير للمقاولين وأصحاب الأعمال.

في اليومين الماضيين سقط جسر على طريق الدمام الرياض وتعطلت حركة السير على واحد من أهم الطرق في الدولة، وبعد سقوط الجسر سقط مصعد في ميناء الدمام وراح ضحيته شخصان، ولو كان بالإمكان نشر صورة مع هذه المقالة لأرفقت لكم صورة مخيفة لانجراف التربة من جسر مدخل مدينة الدمام من جهة شارع الملك سعود عقب الأمطار التي سقطت قبل شهر تقريبا وما زال وضع الجسر كما هو، وأخشى عند سقوطه أن تشكل لجنة لمعرفة الأسباب؟