عندما تطالب شخصا ما بالاستمتاع بإجازاته النظامية، وتحثه على ألا يترك يوما واحدا منها للحكومة، فهذا لا يعني أبدا أنك تشجعه على الكسل، أو التخلي عن الحماس في العمل، أوالرغبة في التميز!.

.. التميز مطلوب، ويعود بالنفع على صاحبه.. كثير من الذين تميزوا ونالوا الحوافز والترقيات الاستثنائية، هم الذين كانوا يعملون فوق ما هو مطلوب منهم لمصلحة القطاع أو المؤسسة التي يعملون بها.. يبرز ذلك في العمل الإعلامي.. إذ نادرا ـ نادرا بالفعل ـ أن تجد صحفيا يخرج عند نهاية ساعات العمل.. أغلب العاملين في الصحافة يتأخرون عن مواعيد خروجهم كثيرا!

يروي مصطفى أمين حكاية رجل قفز لمراتب عليا بسبب حرصه على إنجاز العمل في حينه مهما استغرق الوقت.. يقول: كان يزورني أحد مديري الشركات.. سألته كيف وصل إلى منصبه المرموق؟ ضحك وروى لي أنه كان يشغل وظيفة صغيرة في الطابق السادس عشر، وذات يوم كلفه رئيسه بعمل ضخم، فلم يتأفف ولم يعترض، ولم يقل إن هذا العمل يحتاج لخمسة موظفين، وجاءت الساعة الخامسة بعد الظهر موعد انصراف الموظفين، فلم ينصرف معهم، على الرغم من كونه مرتبطا مع زوجته بالذهاب للسينما.. واستمر يعمل حتى وقت متأخر، وتصادف أن رئيس مجلس الإدارة يتناول عشاءه في نفس الحي، فلاحظ أن الطابق السادس عشر مُضاء، ولما تحرى عن الأمر، واكتشف حماس الموظف فاجأه في اليوم التالي بنقله إلى مكتبه وبعد فترة تم ترقيته، واستمر عطاء الموظف الاستثنائي حتى أصبح بعدها بسنوات مديرا للشركة!

يقول المدير ـ نقلا عن مصطفى أمين ـ في تلك الليلة قابلتني زوجتي غاضبة، وقالت لي لماذا تأخرت؟! لا بد أنك عاشق؟!

- ولقد كنت عاشقا بالفعل.. وعشقي هوعملي.. ولو كنت حافظت على موعدها تلك الليلة وذهبت معها للسينما، لكنت حتى الآن موظفا صغيرا في الطابق السادس عشر!.