في أي اتجاه يلتفت أوباما هذه الأيام، فهو يواجه جبلا من المتاعب، معظمها من صنعه هو. على الجبهة الداخلية، يواجه أوباما أزمة بعد الأخرى في برنامج الرعاية الصحية الذي يحمل اسمه "أوباما كير". مشكلة الموقع الإلكتروني هي أقل مشاكله، حيث يجد الأميركيون أنهم يواجهون رسوم ضمان صحي أعلى بكثير مما كانت عليه مع انخفاض في التغطية. أكثر من 133 مليون أميركي -أكثر من ثلث سكان الولايات المتحدة- يواجهون تقليصا للأدوية التي يحتاجونها للتعامل مع أمراض مزمنة.

في 17 ديسمبر، كتبت صحيفة واشنطن بوست أن أوباما لديه أقل نسبة تأييد لأي رئيس في فترته الرئاسية الثانية في تاريخ أميركا لدى قياس نفس الفترة الزمنية باستثناء رئيس واحد: ريتشارد نيكسون عندما كان هدفا لجلسات استماع تهدف لإقالته من منصبه!

العامل الوحيد الأكبر في فقدان الأميركيين لثقتهم بأوباما كان تصريحه سيئ الذكر الذي وعد فيه بإجراء إصلاحات في الرعاية الصحية. أوباما كان يكرر قائلا: "إذا كنت تحب طبيبك، تستطيع أن تحتفظ بطبيبك. إذا كنت تحب خطة الرعاية الصحية التي لديك، تستطيع أن تحتفظ بخطة الرعاية الصحية". في1 أكتوبر، علم ملايين الأميركيين أن خطط الرعاية الصحية الخاصة بهم أُلغيت. أوباما كان قد ضللهم. العديد من الجمهوريين اتهموا أوباما بالكذب.

رد الفعل الأميركي يشبه صورة أوباما على الصعيد الدولي. هو فقد ثقة الآخرين به في كل مكان حول العالم. أوباما أعلن عن "خط أحمر" في سورية، وأن عملا عسكريا كان مناسبا، ثم ألغى العمل العسكري في اللحظة الأخيرة. أوباما دعم الإخوان المسلمين في مصر، ثم قطع المساعدات العسكرية لحكومة السيسي التي أطاحت بالرئيس مرسي، مما ترك الباب مفتوحا لعودة دخول روسيا إلى مصر كشريك عسكري رئيسي.

الآن، بعد أن كان قد أعلن في الصيف أن الولايات المتحدة ستوسع بشكل كبير مساعداتها القاتلة وغير القاتلة إلى الجيش الحر في سورية، جمدت الولايات المتحدة جميع الشحنات بعد أن أغارت مجموعة منافسة من الجبهة الإسلامية، على المخزن الرئيسي للجيش الحر واستولت على مخزونات من المعدات والإمدادات. بعد التنديد بالفصائل الإسلامية في المعارضة السورية، يلتقي الآن السفير الأميركي إلى سورية، روبرت فورد، بشكل سري بقادة الجبهة الإسلامية في تركيا، على أمل إحياء آفاق مؤتمر جنيف2 في يناير القادم.

في 15 ديسمبر، كتبت نيويورك تايمز عن خطاب ألقاه الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية السابق والسفير السعودي السابق إلى واشنطن، قال فيه: "لقد رأينا عدة خطوط حمراء توضع من قبل الرئيس، والتي بهتت وأصبحت زهرية اللون مع مضي الوقت، وفي النهاية أصبحت بيضاء تماما... عندما يأتي مثل ذلك التأكيد من قائد بلد مثل الولايات المتحدة، نتوقعه أن يلتزم به... هناك قضية ثقة".

منذ أكتوبر الماضي، انتقد مسؤولون سعوديون آخرون، بمن في ذلك الأمير بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية، الرئيس أوباما بسبب تردده حول الالتزامات الأميركية مع شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين. كانوا حريصين على التمييز بين الولايات المتحدة وإدارة أوباما. ومع ذلك، كانت الرسالة واضحة وغير غامضة: الولايات المتحدة في عهد الرئيس أوباما ليست حليفا يمكن الاعتماد عليه.

وجهات النظر التي عبر عنها الأصدقاء في الشرق الأوسط تردد صدى ما يحدث داخل حكومة الرئيس نفسه. رغم أنه لم يخرج مسؤول رفيع علنا لينتقد فشل الرئيس في القيادة، هناك العديد من المقالات، مثل تلك التي كتبتها سيمور هيرش، التي كشفت انقسامات عميقة داخل فريق أوباما. مقال هيرش نفسها، التي ادعت أن إدارة أوباما تجاهلت معلومات استخباراتية بأن فصائل مرتبطة مع القاعدة في سورية كان لديها أسلحة كيماوية، كانت، بحسب مسؤول في البنتاجون، تهدف إلى إجبار الرئيس على استئناف المشاورات مع كبار قادته العسكريين ومستشاريه للشؤون الخارجية.

منذ إعادة انتخاب أوباما، تم إخفاء الكثير من الأمور المتعلقة بقرارات تتعلق بالأمن القومي الحساس عن وزيري الخارجية والدفاع، بالإضافة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة. في الشهر الماضي، كتبت مسؤولة مدنية سابقة في البنتاجون، روزا بروكس، مقالا خطيرا في مجلة بوليتيكو واسعة الانتشار بعنوان: "أوباما مقابل الجنرالات." وقالت بروكس إن ضباطا كبارا في البنتاجون يشتكون من أنهم بعيدون تماما عن البيت الأبيض، وقلقون من أن الرئيس سيرتكب خطأ فظيعا يقود إلى كارثة في الأمن القومي.

حتى وزير الخارجية جون كيري لا يستطيع الوصول إلى الرئيس متى شاء. بحسب مسؤول في البيت الأبيض، تعامل كيري محصور مع مستشارة الأمن القومي سوزان رايس. في عدة حالات، رايس، التي تربطها علاقة صعبة مع كيري منذ أن كانا يتنافسان على منصب وزير الخارجية في بداية 2013، أرسلت أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي في مهمات اكتشاف حقائق في تحد مباشر لسياسات وزارة الخارجية. خلال الصيف، طلبت رايس من السيناتور جون ماكين والسيناتور ليندسي جراهام أن يسافرا إلى مصر للضغط على الجنرالات حتى يطلقوا سراح الرئيس المخلوع محمد مرسي. تلك المهمة قوضت بشكل مباشر جهود كل من وزيري الخارجية والدفاع للحفاظ على علاقات قوية مع الجنرال السيسي خلال فترة الانتقال الهشة إلى مرحلة ما بعد الإخوان المسلمين. لم تقم رايس فقط بإيفاد عضوين يمينيين من مجلس الشيوخ، بل أصدرت أمراً مباشرا إلى كيري، أثناء وجوده في القاهرة، بأن يطالب بإطلاق سراح مرسي. لكن كيري رفض تلقي أوامر من رايس، وبقي أوباما على الهامش فيما وصلت العلاقات بين أعضاء فريقه إلى حد كادت أن تتحول معه إلى أزمة.

الرئيس أوباما تلقى أيضا مطالب قوية من أعضاء من الحزب الديموقراطي في الكونجرس لتطهير دائرته الداخلية من الموظفين في البيت الأبيض. وهم يشعرون بإحباط كبير لأنهم هم أيضا لا يستطيعون الوصول إلى الرئيس، وليست لديهم فكرة حول طريقة صنع القرارات.

الرئيس ينعزل تدريجيا عن حزبه وأعضاء حكومته وعن الشعب الأميركي. بعض أقرب المستشارين يبنون جدرانا مرتفعة حول الرئيس، مما يقود إلى انهيار آخر في نسبة تأييده بين الشعب الأميركي الذي يرى بالضبط ما يراه حلفاؤنا الخارجيون في أوباما: هناك قضية ثقة.