"ليبقى النور في أمتنا

كن من أول مليون داعم لكتاب الله لسداد وقف المدارس النسائية بـ 147 مليون ريال

أرسل 1 إلى...

(12ريال شهريا)

جمعية تحفيظ القرآن بالرياض"

هذه رسالة تبعثها الاتصالات السعودية، وصلتني العام الماضي، وهذه السنة، وفي رمضان داهمت جوالي 3 مرات للتأكيد على مديونية الجمعية، ولا أعلم هل للاتصالات السعودية حصة لقاء توزيع الرسالة أم إنه من باب الكرم الاحتسابي الرمضاني الذي من كثرته قلت بركته!

وبالمقارنة مع الخبر الجديد لإضافة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن بالرياض وقفا استثماريا جديدا لأنشطتها الخيرية في علوم القرآن وتحفيظه، بشرائها برج الوردة، الذي يُعدُّ أحدَ المعالِم المعمارية شمال الرياض؛ لتميزه في التصميم، وموقعه الفريد، يتم الربط بين رسالة الاتصالات ومدير الاستثمار بالجمعية الشيخ إبراهيم الخضيري عندما ذكر أن الجمعية توفر وسائل ميسرة للمساهمة في المشروع من أهمها وأيسرها إرسال 1 إلى 9050 للتبرع بـ 12 ريالا شهريا

أوضح الخضيري "أنَّ البرج وقف خيري تم شراؤه بقيمة 150 مليون ريال، تم دفْع 14 مليون ريال من قِبل الجمعية، وتم تمويلُ بقية المبلغ من بنك البلاد"، واختلاف المبلغ يوحي بأن رسالة العام الماضي كانت مديونية لوقف آخر ربما!، والسنة لتسديد قيمة الوقف الجديد، فإذا جمعنا مبلغ العام الماضي مع البرج الجديد ما يقارب 300 مليون ريال، فقط لا غير وخاص بالنساء، فماذا يصرف على جمعيات التحفيظ الرجالية؟!

حاولت الوقوف على فائدة تلك الجمعيات فوجدتها تصب في ألفاظ مكررة؛ تحفيظ وتجويد وتلاوة. وحسب رأي الخضيري "أن الوقف يصب في مصلحة بناتنا ونسائنا"، وأجدني والله عاجزة عن شرح كيف ذلك!!

لعلك تشاركني عزيزي القارئ أحقية تسديد هذه المديونية، لو تخيلت معي أننا:

نمنع تدريس القرآن في التعليم العام، أو أن البيوت تخلو من المصاحف، أو أن الأسر لا تعرف الدين ولا تقرأ آية، من يقرأ الرقم لابد أن يتصور وضعا كهذا لتبرير صرف مبلغ فلكي!

فهل عُطلت البيوت ومدارس التعليم العام والكليات الشرعية عن حفظ القرآن، أم إنه هدر أموال في توفير ما هو متاح أصلاً؟ ثم ألا يعد ذلك تبديد ثروة على حساب حاجات ألزم وأهم؟ ولنتخيل صرف المبلغ في توفير منازل للفقراء، كم أسرة سيؤوي؟!!

تستطيع قراءة القرآن متدبرا في بيتك، والأهم قراءته متمثلا مبادئه في تعاملك وعملك، قراءة تتعالى على الحفظ إلى التدبر والتفكر، قراءة تحيي الحس الإنساني فيك والشعور بالآخرين، تحيي قيمة وجودك وأهمية مسؤوليتك الأخلاقية لا ارتهانك لشعائر شكلانية، قراءة تتعدى الحرف لجوهر المعنى وتسبر الداخل لتسمو بالروح، وهي أوصاف أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، المتسابقون لأجل العطاء الإنساني لا لأمجاد الحفظ والتلقين.

إن التواصل الطبيعي للحياة يمد جسوره مع الإنسان لا مع الشعائر المنبتة عن روحها، والقاعدة الشرعية تقول "أينما تكون المصلحة فثم شرع الله"، بالتالي تتطلب الحياة تسخير الدين لخدمة الإنسان لا العكس، وما نراه اليوم يخالف جوهر العقيدة وسيادة لطقوس فرضها القائمون على تفسير الدين، فجمعيات تحفيظ القرآن ما هي إلا امتداد للكتاتيب وحلقات تعليم القرآن قبل التعليم النظامي!، فهل نحن في عصر الكتاتيب أم الثورة التقنية الهائلة؟! إنه وبضغطة زر واحدة تستطيع أن تستمع لقراءة كل مقرئ مجود مرتل، وبقراءة إلكترونية ومباشرة.

إن الإنسان قديما ليس إنسان الآن، وعصر الكتاتيب لا يمكن أن يوفر متطلبات اليوم، والتنمية لن تكون لإنسان أو بإنسان مهدور الوقت، مهدور الطاقة، مهدور الأولويات، والبترول الذي هو مصدر ثروة لابد أن يكون أيضا مصدر قوة تنموية شاملة، واكتفاء ذاتي يضمن بتنوعه واستغلال خزائنه بناء اقتصاد وطني متين، وثروة رافعة حقيقية لبناء مجتمع معاصر يساهم في التغلب على الأمية والتخلف، ومستعد لمواجهة المستقبل وحاجات الأجيال القادمة.

والتنمية إذا لم تأخذ بحساب خططها وضع الأولويات، وتوفير حياة كريمة لإنسان الأرض فليست مطالبة بالقفز لإنسان السماء، فقارئ القرآن وحافظه لا قيمة له بلا بيت يؤويه، وبلا قيمة عصرية تناسب قدراته وكرامته وتحقيق دوره ضمن جماعة إنسان الأرض، فمتطلبات التنمية يجب أن يعتلي رأس هرمها الإنسان، وبقراءة واقعية لا متوهمة تتلمس الهم الإنساني في الوجود وعلى أرض الواقع لا في الغيب وعالم الشهادة.

ولا شك أن مشكلة الفقر والبطالة المتفاقمة تتطلب اتخاذ إستراتيجية أكثر أبعاداً وجدية، لإحصاء الأسر التي على خط الكفاف، والتي على خط الفقر ومن هي تحته، لإعادة هيكلة خريطة التنظيم السكاني للوطن بما يحقق نمو الطبقة المتوسطة التي هي عصب الحياة لبناء الأمم والشعوب، والتي بدأت بانحسار واضح على حساب زيادة عدد الفقراء، ولمصلحة التاجر الفاجر، والأرباح الفلكية لأنانيته وجشعه.

ومن منبر "الوطن" أتقدم بسؤال لوزير الشؤون الإسلامية: ما أحقية هذا الدين الكبير، خاصة إذا علمنا أن هذا وقف واحد من ضمن أوقاف وليس الوحيد، ولجمعية واحدة وفي مدينة واحدة؟ ثم ألا ترى أن صرف أموال هذه الجمعيات لمساكن للفقراء يعد أولى الأولويات؟ أعتقد لو استغلت لهذا الهدف الإنساني النبيل لما بقي فقير واحد، فأين تصرف هذه الملايين، أو المليارات؟

سؤال أكرم به أن يخلق مراجعات وربما تراجعات مستقبلية !