"طفلة تبوح للرمل بحكايات الثلج وأغنيات المطر.. تقطف من الغيم لثغة، وصورة منطفئة للقمر.. "لمى" من قال إن البئر خائنة، وإن الريح تعصف بأغصان الشجر؟!"

هكذا غرد الصديق الروائي عبدالرحمن العكيمي عن طفلة تبوك، التي دفعت الثمن مجددا.

ابتلعت الأرض ذاك الجسد الغض.. أخذته في لمحة لهو.. غابت "لمى الروقي"، وغيبت معها كل ضحكات أعوامها الستة، وأمال أسرتها الصغيرة.

? أبالغ إن تحدثت عن الحزن المعلق في كل بيت من بيوت تبوك على فقيدتهم الصغيرة.. بل ? أكذب إن قلت إن معظمهم بكى كوالدتها.. كشقيقتها "شوق".. كوالدها الذي تحول إلى جبل، بإصراره على البقاء بجوار البئر التي سقطت بها في ذاك الوادي "الأسمر".. مترقبا صيحة العثور عليها.

اليوم نعيد ذات التجربة، التي عشناها في الطائف والباحة والقصيم والمدينة المنورة وغيرها؛ سقوط في بئر.. ثم استنفار للدفاع المدني وبحث مضن.. واستنزاف للإمكانات والمشاعر.. وبعد كل ذلك تخرج التصريحات "الكاذبة" بالبدء بحصر وتأمين الآبار.. ثم ? شيء.. ? شيء إطلاقا سوى الحزن!.

تمر هذه القضايا دائما بلا دروس.. وكأننا ننتظر على قارعة الفوهات المفتوحة لنزف إليها الأموات.

الحديث عن هذه المآسي مكرور.. أنا الآن أكرر ما قيل، وسيقال غدا عند سقوط ضحية جديدة في بئر أخرى.. فيما الجاني الحقيقي غائب عن المشهد برمته.

لا يمكن حصر المسؤولية في أصحاب تلك الآبار.. فهم نتيجة.. وهناك أسباب من أهمها غياب النظام الصارم، والرقابة الحقيقية.

هذه الآبار القاتلة ما زالت تنتشر حول كل مدينة وقرية.. والمسؤولية عن تتبعها مشتركة بين إمارات المناطق، ووزارة الزراعة، والدفاع المدني.

يقول مستشار قانوني: "صاحب البئر التي يثبت إهماله وتسببه في الضرر توجه له تهمة القتل الخطأ".. حسنا وماذا عن الجهات المعنية؟!

حان الآوان لإغلاق هذا الملف، وأوجه حديثي هنا إلى مدير عام الدفاع المدني اللواء سليمان بن عبدالله العمرو.. فإدارته تشارك في دفع ثمن إهمال الآخرين.