الفتاة رقيقة بطبعها.. ولذك تتأثر كثيرا بما حولها.. فينتقل جزء من معاناتها في اليقظة إلى سبات الليل.. تهرب عن الواقع.. فتبدأ أحاديث النفس والعقل الباطن في الظهور كأحلام وكوابيس.. فتهرع إلى مفسري الأحلام بحثا عما يزيل هذه الشكوك والقلق..

ولا يلام الإنسان ـ فتاة أم غيرها؛ الغريق يتعلق بقشّة ـ اللوم على الراقي الشرعي الذي يتلقى هذه "الهرطقات" على محمل الجد ويبدأ في تفسيرها، فتطير الرؤيا على جناح التهويل والمبالغة وانعدام المنطق.. فيما الأولى أن يقول لها هذه أحاديث نفس!.

يقول أحد هؤلاء الرقاة، إن عددا من الرؤى وصلت إليه حول الطفلة المفقودة "لمى".. وهذه القصة المؤلمة إضافة لكشفها عجزنا التقني والفني، أسهمت بشكل فاضح في كشف العوار النفسي والفكري لشريحة عريضة من المجتمع.. بل وضعف إيمان البعض منهم والعياذ بالله!.

يقول الراقي في تفسيره للرؤى التي وصلت إليه ـ وفيه إن لم أكن مخطئا ادعاء بعلم الغيب ـ: (الجن لم تؤذ الطفلة بل خطفوها ولم يرهم إخوتها ثم تركوها بعيدا فوجدها رجل أعرابي راعي غنم وأوصلها شرقا، وقد تكون موجودة عند راعي غنم بحوش مشبك، أوعند حارس مكان نساء بقربه غدير، أو وايت ماء وسيارة "شاص" "دفع رباعي" شرق الموقع)!

قد يكون هذا الحديث حقيقة، لكن الله وحده هو عالم الغيب والشهادة، والقطع بالقول فيه اعتداء على صفة من صفات الله تقدّس في علاه.. ناهيك أننا ننفرد عن غيرنا من الأمم في حكايات الأحلام وتفسيرها!

ماذا بقي؟! بقي القول مسكين هذا الجن.. جعلنا منه مشجبا لحمل كل عيوبنا وأخطائنا.. في سابقة فريدة على مدى التاريخ.. الخطأ يتحمله الجن.. وليس صاحب البئر الذي تركها في طريق المارة! الخطأ يتحمله الجن وليس الدفاع المدني الذي عجزت كل آلياته عن استخرج طفلة على مدى عشرة أيام..

الجن هو الذي تم ضبطه في موقع الجريمة، والمشكلة لا أحد من المحامين يتطوع للدفاع عن الجن المظلوم!.