ليس المقام مقالا للتشفي أو التلاعب على مشاعر الناس وجراحهم، لكن حادثة لمى الروقي كشفت النقاب عن جانب معتم في خدماتنا التي تتعلق بأرواح البشر، وأكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك مشكلة كبيرة فيما يخص أعمال الطوارئ والإنقاذ، أما السلامة فحدث ولا حرج.
أن يمر أسبوعان ونحن بكل إمكاناتنا المادية وطاقاتنا البشرية، ما زلنا عاجزين عن الوصول إلى جثة إنسان سقط في بئر، تلك لعمري مصيبة كبيرة نتحملها جميعا بلا استثناء. وهذا يقودنا إلى ضرورة إعادة النظر في وضع الدفاع المدني كمؤسسة مسؤولة، بعيدا عن كونها تحمل الطابع العسكري.
في بلدان العالم، تباشر أعمال الإنقاذ والسلامة قطاعات خاصة، وشركات غير ربحية مدعومة من الدولة، وكثيرا ما تستعين بالمتطوعين لتقليل النفقات، مع إبقاء الدفاع المدني أو ما يسمىcivil defense كإدارة تتعلق بالشؤون العسكرية والدفاع عن البلاد في وقت الحرب، أما بقية الأعمال فتوكل إلى هيئات ووكالات خاصة تعمل كشركات، وكما هو معروف فإن الشركات عادة ما تتبع نظاما صارما في الأنظمة والتدريب والتأهيل.
ولنكن شفافين أكثر، دعونا نتأمل حال الدفاع المدني لدينا دون التشكيك في جهود أحد. الدفاع المدني هو المكان الأكثر طلبا للعاملين في وزارة الداخلية، سواء على مستوى الأفراد أو الضباط، وقد لا نحتاج الكثير من الوقت لنعرف السبب، فالعمل في هذا القطاع مريح جدا مقارنة ببقية القطاعات، فلا أعمال يومية ثابته ولا مسؤوليات متتابعة ولا حتى عمل عسكري حقيقي ومنتج.
تحويل الدفاع المدني إلى شركة أو دعمه بقطاعات خاصة لإدارة الكوارث والأزمات سيجعل منه كيانا مستقلا، وبالتالي ستزيد أهميته في المجتمع، وستوكل له مهام تتعدى مجرد التدخل في حالات الطوارئ إلى مشاركة الناس حياتهم بالتوعية والتعليم والتدريب والمشاركة المجتمعية الفاعلة، هذا خلافا لخلق احترافية عالية في التعامل مع الحالات واستخدام المعدات الحديثة والمتطورة، فهل نستفيد من تجارب سابقينا؟