بدأ جون كيري وزير الخارجية هذا الأسبوع زيارته إلى الشرق الأوسط، حيث سيحاول وضع اللمسات الأخيرة على ما يسمى باتفاق الإطار للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و فلسطين لإقامة حل للدولتين.

عندما أطلق كيري المفاوضات "الجديدة" في الصيف الماضي، وضع له موعدا نهائيا هو أبريل 2014 لاستكمال معاهدة الوضع النهائ، لكن مع وصوله في رحلته الأخيرة إلى إسرائيل وفلسطين، كان كيري يأمل، في أفضل الأحوال، في التفاوض على اتفاقية إطار لتبرير استمرار المحادثات لعام آخر.

بغض النظر عن مدى الإيجابية التي تحاول إدارة أوباما تصوير المفاوضات من خلالها، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يقوم بوضع جدول الأعمال، حتى إنه ملأ فريق كيري بالصهاينة المتشددين.

"فريق" كيري يترأسه مارتن إنديك، الذي خدم في عهد الرئيس كلينتون كسفير لإسرائيل ورئيس لسياسية الشرق الأدنى في مجلس الأمن القومي. ولكن قبل قدومه إلى واشنطن، كان إنديك المولود في أستراليا قد عاش في إسرائيل وخدم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق شامير، الصهيوني المتطرف وزعيم الليكود.

عضو آخر في فريق كيري هو دافيد ماكوفسكي، الذي كان حتى وقت قريب متخصصا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، الذي يعدّ مركز الأبحاث غير الرسمي للجنة الشؤون الأميركية الإسرائيلية العامة "إيباك". ماكوفسكي صهيوني متشدد خدم في كل من إدارتي الحزبين الجمهوري والديموقراطي، بما في ذلك مستشارا لباراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي.

ماذا يمكن لعام 2014 أن يجلبه؟

قبل وصول كيري إلى إسرائيل بأيام، طالب نتنياهو بتمديد المفاوضات عاما آخر. كان واضحا للجميع أن نتنياهو يحاول كسب الوقت لخلق "حقائق على الأرض" من خلال التوسع الاستيطاني. تحسبا لوصول كيري، قام عدد من الوزراء في حكومة نتنياهو بالاجتماع مع أعضاء الكنيست لوضع تشريع ينص على ضم الضفة الغربية لنهر الأردن – بعض من أخصب الأراضي الفلسطينية ـ على الرغم من أن رئيسة فريق المفاوضات الإسرائيلي تسيبي ليفني استنكرت هذه الخطوة الجديدة، فإن الإشارة كانت واضحة، وهي أن نتنياهو والليكود يلعبان للحفاظ على إبقاء فلسطين في احتلال دائم.

هذا ليس كل شي فحسب، بل إن نتنياهو أعلن في خطاب ألقاه في 31 ديسمبر أن السلام لن يتحقق إلا عندما تتحقق المصالح الأمنية والاستيطانية. بإضافة "المصالح الاستيطانية" إلى المخاوف الإسرائيلية، فإن نتنياهو يضع عقبة أخرى في طريق التوصل إلى اتفاق سلام. "المصالح الاستيطانية" تعني الحفاظ على المستوطنات اليهودية الموجودة في فلسطين وتوسيعها.

إضافة إلى ذلك فإن إسرائيل تواصل مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية.

ثم إن هناك "ورقة بولارد" مع وجود أوباما في عطلة طويلة، ألقى نتنياهو ومستشاروه الأمنيون بإلقاء طن آخر من الطين في مياه المفاوضات العكرة، وذلك من خلال المطالبة بالإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، المسجون في أميركا منذ 1985. بولارد أميركي الجنسية اتهم بالخيانة وهذه عقوبتها في الولايات المتحدة الإعدام أحيانا.

هناك مجلدات تتم كتابتها هذه الأيام عن المفاوضات، لكن معظم التعليقات تفوت هذه النقطة الأساسية. نتنياهو لم يغير توجهاته منذ مواجهاته مع بيل كلينتون والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، بوجود فريق أميركي يضم بين أعضائه مارت إنديك، ماكوفسكي، ووجود دنيس روس من وراء الستار، ليس هناك فرصة لتكون الولايات المتحدة "وسيطا نزيها".

العودة الوحيدة التي يمكن أن يكون لها قيمة هي العودة إلى سبتمبر 2010، عندما انتهى "تجميد الاستيطان"، ورفض نتنياهو تجديد العمل به.

وفقا لمصادر مطلعة في واشنطن في ذلك الوقت، فإن أوباما ذهب لاهثا إلى دينيس روس، بعد موقف نتنياهو المتشدد بخصوص توسيع المستوطنات. كانت النتيجة رسالة لنتنياهو واعدة بـ3 مليارات دولار إضافية في العتاد العسكري، وأن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض لأي قرار في مجلس الأمن في الأمم المتحدة تعترض عليه إسرائيل، وألا تذكر أميركا المستوطنات مرة أخرى إلى حين بدء "مفاوضات الحل النهائي". ذكر تقرير حول الرسالة أيضا أن إسرائيل تستطيع أن تستمر في نشر قواتها على ضفة نهر الأردن. بالمقابل، على نتنياهو أن يعد بتمديد تجميد الاستيطان 60 يوما إضافيا فقط.

في خطاب ألقاه في 9 نوفمبر 2010، تعهد نتنياهو بألا يسحب القوات الإسرائيلية من وادي الأردن، حتى لو تم التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين. إن قضية وادي الأردن، إضافة إلى الوضع النهائي للقدس، تبادل الأراضي، وحق العودة للفلسطينيين، كل هذه قضايا يتخذ فيها نتنياهو مواقف متصلبة.

لنعد الآن إلى الزمن الحاضر، في زيارة قام بها مؤخرا إلى إسرائيل، اقترح الجنرال جون ألين، كبير مستشاري الأمن القومي لكيري، أن تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل من وادي الأردن، وذلك لتحل محلها قوات حفظ السلام الدولية ومدعومة بالأقمار الصناعية المتطورة، وطائرات من دون طيار، وأجهزة الاستشعار التي سوف تكشف أي هجوم محتمل ضد الأراضي الإسرائيلية. وزير الدفاع الإسرائيلي داني يعلون رفض الفكرة جملة وتفصيلا، وتعزز موقفه مؤخرا بمشروع القرار حول ضم وادي الأردن.

خلال عقود من المفاوضات الفاشلة، استخدمت جميع الأوراق الإسرائيلية المحتملة لتخريب الدولة الفلسطينية. يمكن الرد على هذه البطاقات بأربع كلمات، وذلك كما قال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين لجمهور في واشنطن. الكلمات الأربع هي واحد تسعة ستة سبعة (1967) – إشارة للحدود بين الدولتين. هذا كل ما هو مطلوب للوصول إلى اتفاقية إطار.