هارب وحدي تماماً مساحة هذا الأسبوع إلى مساحة صغيرة مجهولة من رمال هذه الأرض، مثقل وثقيل بكل الأحمال التي أريد نثرها على هذه المساحة الشاسعة من الفراغ المدهش. على سبات هذا الليل الطويل المظلم، حتى القمر صدفة لا يشرق إلا خجولاً في منتصفه، على شموس نهاره اللاهبة فلا أعلم كيف سيكون (جلدي) عندما أعود (للحياة) وللمرآة. هارب وحدي تماماً إلى (براري الحمى) وقد نسيت اسم (الراوي) وهارب أيضاً مصطحباً رائعة (كويلن) عن (العزلة)، ووحدها في ما استطعت من زوايا النهار لأن (الجمر) لا يسمح لي في الليل بقراءة جيدة.

جئت لهذا المكان قبل سنين بذات دهشة كرستوفر كولوبوس عندما اكتشف العالم الجديد والأرض الجديدة. كنت يومها بصحبة أصدقاء حياة، بدؤوا يتناقصون فرداً فرداً عن تكرار التجربة حتى وصلت هذا العام إلى براري الحمى مصطحباً لذة ومرارة العزلة، تماماً مثل من يشرب الليمون على شمع العسل. ويوم اكتشفنا هذا المكان كان لنا أن نقلد كولومبوس بفتح التسمية. فجأة نطق (أبوعلي) مخترع (قوز الجن) ومن فمه كتبت أول أسطر الرواية، هو (قوز الجن) وأنا وحدة (حياة) ولكن في (عزلة) قائلة، هو مثلي ظامئ لشيء من ماء السحاب الذي يمر من فوقه فلا يهبط إليه، وأنا ظامئ لشيء من ماء (الحب) الذي لم أعد أحبه إلا في عيون عائلتي الصغيرة. فجأة، ونهايات المساء، يظهر لي، لا أمامي، هذا المسافر المجهول، حتى (الجن) يقرؤون السلام ويحذرون بني الإنسان من خطر الثعابين. هو لا يعلم أنني هنا هارب من الثعابين هو لا يعلم أن (قوز الجن) لا يحمل خنجراً تطعن بالظهر ولا يوجد في حياته السرمدية قاموس للقذف والشتم، فجأة يختفي هذا المسافر المجهول حين أحسست (قوز الجن) يتمايل بي ومن تحتي فعرفت أنه عاد إلى سباته ونومه، جئت هنا لأستنطق الوحدة والعزلة فاكتشفت أنني أستمتع بالظلام والحزن يسكن أصدقائي مساحة هذا الأسبوع مطارات الأرض وأبراجها، وأنا في الدور الثاني من كومة رمل تسكن دورها الأرضي عائلة من الجن، كم هي لذة التجربة حين يكون كل (الأفق) بلا لون أو ضوء أو صوت، وكم هي مراراتها حين أقول لكم جميعاً: عودوا إليّ.. اشتقت لكم.. تعبت... لكنني.. لن أستسلم.