نقل السعوديون شكاواهم الحياتية والتنموية إلى الشاشة فجاءت العديد من البرامج التلفزيونية التي تغازل هذا الشغف الكبير بعد أن كانت الصحف هي المكان الوحيد لمثل هذا البوح.

تحولت البرامج إلى صحف مرئية تعمل بتحقيقاتها ومقابلاتها مع الناس فاستحوذت القنوات على جاذبية الجمهور ومتابعته، لكن في المقابل فإن هذا السيل من الشكاوى لا يجد صداه المتوقع من بعض التنفيذيين فتتكرر المسائل بصيغة أو بأخرى.

التوقيت مهم في المسألة فعلى عكس المصريين الذين يحبون السهر على برامج "التوك شو"، التي تطغى عليها النقاشات السياسية في المجمل، تأتي برامج السعوديين العالية المتابعة في العشية، فيما البرامج الرياضية هي التي تتأخر في البث، وذلك لأن متابعيها من الشباب، الذين يحبون السهر ولا يواجهون مشكلة معه.

أما مساحات الصباح فهي مخصصة للأسرة، وهي نسوية الطابع لأن جمهورها محدد، خليط من برامج التوعية والنصائح الطبية والتقارير الخفيفة المادة.. قليلة هي البرامج الخفيفة الدم والطابع لذا يمكن ملاحظة هذا النزوح السعودي الشاب إلى "يوتيوب"، حيث يصنعون أعمالهم الشابة والجريئة التي لا تستثني قطاعا أو مسؤولين، كمية السخرية والخفة الهائلة جعلت الـ"يوتيوب" ملاذاً للشباب جمهوراً وصناعا يملؤون فضاءه بالجديد والمتفاعل.

مواد سريعة ومباغتة وذات صدى هائل.. دعا المسؤولون عن القنوات الفضائية الكثير من الشباب لمحاولة استقطابهم ومنحهم المساحة والوهج، لكن التجربة في بداياتها ولا يمكن الحكم عليها بسرعة لكنها المستقبل بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وإن كانت مشكلتها الأساسية في الحرية، وهذا نقاش مستقل لكن مع توافر البدائل، فإن الأمور تتجه لصالح البرامج الجديدة الشابة، نعم سننتظر قليلا إلى أن يحين الوقت لكن حتما سيتم ذلك، إذن ما الذي سيحل بالبرامج الحكائية، ستحافظ على بعض جمهورها حينا لكنها ستفقده خصوصا مع الإحصائيات التي تتحدث عن حجم وكم الشباب في المجتمع، وهل ستتقوقع في نهجها النقدي التنموي الطابع أم ستفتح أمامها أفقا أخرى؟ حتى ذلك الحين سنبقى ننتظر ونراقب.