شدد لقاء علمي نظمته كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبد العزيز في جدة  يوم أمس الخميس ، على مشروعية وأهمية تنفيذ المشروعات الضخمة طبقاً لنظام عقود الـ (BOT) لما لهذه العقود من أهمية كبيرة في تقليل إنفاق الحكومة على تنفيذ هذه المشروعات، وما تجلبه من منافع أخرى للدولة والمجتمع ومنها تعلم خبرات أجنبية في التنفيذ والتشغيل والإدارة خاصة من خلال العمالة الأجنبية المدربة التي تعمل في تنفيذ هذه المشروعات.

وأكد عضو هيئة كبار العلماء الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان على مشروعية عقود التملك الزمني للوحدات السكنية السياحية أو غيرها لأنها غير ضارة بالمؤجر أو المستأجر بل تؤدي غرض إيجابي في المجتمع، إضافة إلى مشروعية عقود التوريد النافية للجهالة والتي تحفظ العقود وتيسر المعاملات لما فيه المصلحة العامة، وكذلك عقود الـ ( BOt )، موضحاً أن الأصل في مقاصد الشريعة هو التيسير ما لم تكن هناك أسباب شرعية مانعة، في المقابل اعترض على عقود التأجير المنتهية بالتمليك ووصفها بأنها عقود تجور على المستهلك لحساب الجهة المالكة أو التاجر، وأن هذه العقود مجحفة بحق المستخدم ضارباً المثل على ذلك ببيع السيارات بهذا النظام حيث يتحمل المستأجر جميع التبعات دون أن تتحمل الشركة المالكة أو المؤجرة أي شيء، كما  أوضح في هذا الصدد أن صيغة هذا العقد ليست من الصيغ الواردة في صيغ المعاملات الإسلامية المعروفة مثل عقود البيع والإيجار والرهن وغير ذلك.

ونوه إلى أهمية الفتوى الجماعية في إطار مجمعات الفقه المعروفة والتي تقوم بهذا الدور في إطار مناقشة جماعية والبحث والتشاور , معتبراً  فإن الفتوى الجماعية أفضل من الاجتهاد الفردي خاصة أنه من الجوانب المشرقة في العصر الحالي هو وجود المجامع الفقهية، داعيا البعض إلى عدم الاستعجال في تقديم الفتوى، مؤكداً على أن الشريعة الإسلامية تتضمن ثوابت ومتغيرات، ولا يمكن الاقتراب من الثوابت ولكن المتغيرات قابلة للاجتهاد، مطالباً بالاهتمام بالثقافة الإسلامية في المعاملات المالية، مشيراً في هذا الصدد إلى عدم فهم كلمة ائتمان  بحيث يطلق الكثيرون على بطاقة الإقراض والسحب المباشر من الرصيد  اسم "بطاقة ائتمان" وهذا خطأ شائع.

وأشار إلى أنه يوجد مدرستين في فقه المعاملات الأولى تقدم المصالح على النصوص الشرعية، والثانية تقدم النص على ما سواه لكن من الثابت أنه في حالة وجود النص لا يستطيع أحد تجاوزه مطلقاً، كما توجد مدرسة للتوسيع وأخرى للتضيق، مؤكداً على أن الفقه الإسلامي لا يبطل الصفقة التي فيها الحلال والحرام بل يوجد مفهوم تفريق الصفقة أي الحلال يكون صحيحاً والحرام يكون باطلاً، وشدد على أهمية التربية والتنشئة الإسلامية التي تراعي عدم الإسراف والبذخ والتقليد الأعمى للمجتمعات الأخرى , ووصف التربية السليمة بأنها صمام الأمان لأي مجتمع.

وعلى الصعيد نفسه شرح الدكتور عمر زهير حافظ المقاصد الشرعية والمصالح المرسلة والمعاملات المالية المعاصرة وقدم عرضا للآيات القرآنية التي تدل على المقاصد في سورة البقرة، موضحاً أن مجمع الفقه الإسلامي اعتبر مقاصد الشريعة من المرجحات التي ينبغي مراعاتها في اختلاف الفقهاء مشيراً إلى أن صناعة الفتوى من أعمال المؤهلين للاجتهاد، ولابد من استحضار المقاصد الشرعية عند القيام بالاجتهاد فالمقاصد آلة الاجتهاد ومرجعه في فهم النصوص وتنزيلها على الواقع المعاصر , موضحاً أنه توجد ضوابط للمصالح المرسلة ومنها أن تكون حقيقية، كلية لا جزئية عامة وليست خاصة لا تعارضها مصلحة أخرى أولى منها أو مساوية لها وأن تكون ملائمة لمقاصد الشريعة الإسلامية.

جاء ذلك في اللقاء العلمي الذي نظمته كلية الاقتصاد والإدارة بجامعة المؤسس تحت عنوان "المقاصد الشرعية في المعاملات المالية الحديثة" في مستهل فعاليات الكلية للعام الدراسي الحالي 1434 / 1435, والتي تضم 11 فعالية تنظمها الكلية بالتعاون مع مركز الخليج للأبحاث للعام الثامن على التوالي، وتحدث في هذا اللقاء الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء، والدكتور عمر زهير حافظ الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية والإسلامية، وأدار اللقاء الدكتور إبر اهيم محمد أبو العلا مستشار معهد الاقتصاد الإسلامي، وحضر اللقاء عميد كلية الاقتصاد والإدارة الدكتور أيمن فاضل ووكيلا الكلية الدكتور توفيق الخيال، والدكتور محمد الحبيب وأعضاء هيئة التدريس ولفيف من المهتمين بالاقتصاد الإسلامي.