هنا قصة جميلة، تحكي مبادرة رائعة للواء أحمد سعيد ملا الغامدي، الذي كان يشغل منصب مدير شرطة الجوف.. ولو كان الأمر لي لسعيت إلى تعميمها على كل مناطق المملكة، لتصبح ضمن مهام الشرط فيها.
المبادرة التي رواها لي العميد نايف الجبل، تكشف جانبا مهما من العمل الأمني.. جانب لا يقل أهمية عن حفظ الأمن وملاحقة المجرمين.
عام 1427 بدأت شرطة الجوف وبالتعاون مع بعض الأكاديميين والمهتمين إجراء إحصاءات ودراسات حول معدلات الجريمة والعنف وأسبابهما، خلصت النتائج إلى أن الفراغ الذي يعاني منه الشباب يشكل أحد أهم أسباب العنف وارتكاب الجنح.
المبادرة التي قدمها الغامدي كانت تتمحور حول "الفراغ" والسعي إلى القضاء عليه عبر برامج تتيح للشباب إشغال أوقاتهم بنشاط يستهويهم ويتوافق مع ميولهم.
بدأت الشرطة بمشاركة الأجهزة الحكومية، وبالتعاون مع إمارة المنطقة التي شجعت المبادرة؛ بتنظيم دوري لكرة القدم في الأحياء، وبدأ العمل على تنفيذها بتعاون الجميع.
كان التنظيم الجيد، ورصد الهدايا القيمة، كافيين لجذب الكثير من الشباب للمشاركة في الدوري.. وخصص الكثير من الهدايا أيضاً للجماهير وذلك لضمان تفاعلهم مع المباردة.
يقول الجبل: كان الأمير فهد بن بدر أمير منطقة الجوف يحضر المباريات ويشجع الجميع على الحضور وإنجاح الفكرة التي تحول تنظيمها ـ فيما بعد ـ إلى منافسة بين الجهات الحكومية، حيث تتولى التنظيم كل عام إحدى الجهات الحكومية، وتحاول التطوير وطرح أفكار جديدة.
الخلاصة، كما يؤكد العميد الجبل انخفاض معدلات العنف والجريمة بشكل لافت بعد تبني وتطبيق هذه المبادرة.. لافتاً إلى أن "دوري الحواري" ما يزال مستمراً ويحظى بمشاركة كبيرة من معظم الشباب.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أحذركم عاقبة الفراغ، فإنه أجمع للأبواب المكروهة من السُكْر".. وحتماً فإن معظم السلبيات التي تصدر من الشباب اليوم هي نتيجة للفراغ الذي يسيطر عليهم.. وأعتقد جازماً بأن أولى خطوات العلاج تكمن في استغلال هذا الفراغ بنشاطات إيجابية، كما فعلت شرطة الجوف.