لا أزال أتذكر وأنا في المرحلة الابتدائية، أستاذ التاريخ الذي حدثنا بأسلوبه الساحر عن توحيد المملكة، وجعلنا نسرح بأخيلتنا المحدودة، مع الملك المؤسس - عليه شآبيب الرحمات - وجيشه الصغير، وهم يفتحون الرياض، عاصمة أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م.
كنت أبحر بعيدا بخيال طفل معه، ولا أزال أتذكر روعة السرد وقتها، ونحن مطرقون ومشدوهون.. توقف الزمان والمكان حولنا، نستمع لذلك الأستاذ الآسر.. وإلى الآن أستحضر مقطع صعود المنادي بعد فتح الرياض، ومناداته: الملك لله ثم لعبدالعزيز. بالتأكيد كان الفضل لغرس تلك الصورة الرائعة لأستاذ التاريخ الذي كان ساردا بارعا، أخذ بمجامع قلوبنا، وجعلنا نسرح بخيالنا في ملحمة التاريخ تلك..
وللأسف، لم يمر على أبنائي بعدي مثل ذلك الأستاذ الفذ، فما ثم إلا حفظ للنصوص والتواريخ دون أن تتجذر في أنفسهم روعة تلك الملحمة التاريخية الكبيرة، وما فعله أولئك الرجال، وكيف بذلوا فيها دماءهم وأموالهم، حتى وحدوا هذه المملكة الغالية، لذلك أجدني ميّالا – ونحن نعيش فرحة يوم الوطن هذا - إلى إخراج فيلم عالمي عن الملك المؤسس، وكيفية جهاده وكفاحه ليوحد لنا هذا الوطن، ومعه رجاله المخلصون. يكتب تلك الملحمة نفر متخصص في تاريخنا السعودي، وبعدة أجزاء ننتج هذا الفيلم، مستخدمين فيه آخر ما وصلت إليه صناعة السينما في هوليوود، من وسائل التشويق والإثارة، لرصد ذلك التاريخ الغالي في وطننا.
فيلم هوليودي الإنتاج، وباحترافية كاملة، سيكون عاملا رئيسا في ترسيخ تاريخ مملكتنا في نفوس الناشئة، وهو يغني عن مئات الأوراق التي يذاكرها التلاميذ، أو عشرات حصص الوطنية التي يلقنونها في المدارس، فضلا عن أن الفيلم سيقطع الطريق على الحاقدين من أولئك الذين يريدون تشويه صورتنا، عبر السينما أو غيرها، لأنه سيكون الرد الأنسب لأولئك المرتزقة الذي يحاولون عبثا طمس ملامح البطولة للملك المؤسس رحمه الله.
عبر هذا الفيلم، يمكن لنا غرس مفاهيم تربوية عميقة، تجذر روح الوطنية الحقة في نفوس ناشئتنا، فضلا عن المجتمع بأكمله، وكرجل في ميدان التربية لأجزم بأن هذه الطريقة سترسخ بشكل فعال ما نود إيصاله لأجيالنا الجديدة، في حب الوطن، والحفاظ على مكتسباته.
السينما لغة العصر، وديوان التاريخ، فأسرعوا برصد ملامح تأسيس الوطن عبر فيلم مشوق.