عبدالرحمن علي الجريسي


الاحتفاء بالوطن هو احتفاء بالمواطن، وتكريم الوطن هو تكريم للمواطن، والدفاع عن الوطن وحمايته هو حماية للمواطن. غير أنه لا بد أن يفكر كل مواطن أولاً ويسأل نفسه في ذكرى هذا اليوم العزيز ماذا قدم لوطنه، قبل أن يسأل ماذا قدم الوطن للمواطن؟

فالأولويات هنا مقدمة منطقية لبناء الأوطان، والأوطان تُبنى بسواعد المواطنين، وعند اكتمال البناء يبدأ المواطن في قِطاف خيرات وطنه، ويأتي في مقدمة القِطاف الانتماء الذي يحس به المواطن عند ذكر وطنه.

وما يجمع المواطنين السعوديين كثير جداً، لهذا فالمواطنة الحقة هي المحافظة الحقيقية لمقدرات الوطن، والبناء فوق البناء، وإشاعة روح المودة والصفاء، والبحث عن المشتركات الكبيرة التي تجمعنا واستبعاد كل المفرّقات التي تفرقنا. وعلينا أن ننهض بثقافة وطنية سعودية تقوي البناء، وتحافظ على الوحدة السياسية والسيادية، والعمل من أجل التنمية المستدامة.

فالوطن قيمة لا يشعر بها إلاّ من فقدها. ونحن نعيش في وطن تسوده نعمة الأمن والأمان والاستقرار والعز والتقدم والازدهار ويتسع للجميع. فلنتمسك بعقيدتنا، ولنتمسك بوحدتنا، لنكون قوة وقدوة بين دول العالم. فالأفكار عابرة للحدود، والثقافات عابرة للحدود. ولكن يبقى الوطن الشيء الوحيد الثابت بوصفه كياناً جيوسياسياً متميزاً. فالوطن الذي نراه اليوم ونفاخر به الأمم، ما كان بناؤه بمحض صدفة، بل كان بفضل الله ثم بجهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، الذي أسس هذه البلاد المباركة وعمل عبر جهاده الطويل على توحيدها وصون دينها وعقيدتها وحماية مقدساتها وإرثها، وأرسى لها ثوابت السياسة السعودية التي تعمل على وحدة كلمة المسلمين وتوحيد مقاصدهم ليسيروا في طريق واحد إلى موارد الخير، ثم مضى في بناء دولته الإسلامية العصرية التي ترتكز في كل توجهاتها على كتاب الله وسنة نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، وسار على نهجه أبناؤه، الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد ـ رحمهم الله ـ وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ. فالمملكة العربية السعودية اليوم تساهم بدورها مع بقية دول العالم في ترسيخ مبادىء السلام والأمن من أجل خير الإنسانية جمعاء، فحظيت باحترام وتقدير شعوب العالم لما تلعبه من دور رائد على مختلف الأصعدة الإسلامية والعربية والعالمية، وتعتز المملكة، حكومة وشعباً، بخدمة الحرمين الشريفين، فسمة البناء والإعمار هي سمة متميزة وراسخة لقادة هذه البلاد منذ عهد والدهم الملك المؤسس وحتى هذا العهد الميمون، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني.. يحفظهم الله. نسأل الله أن يرعاهم بتوفيقه، بقدر ما قدموا لهذا الوطن الغالي العزيز.