قبل بدء مناسك حج بيت الله الحرام، تتحول الأسواق المركزية المتخصصة في مبيعات الذهب إلى قبلة مهمة لدى حجاج الخارج، خاصة القادمين من القارة السمراء "أفريقيا"، فأينما وليت بوجهك صوب إحدى تلك المحلات، وجدت ضيوف الرحمن يزاحمون السكان المحليين في المشتريات، بل ويتفوقون عليهم في بعض الأحيان.

في سوق اليمامة الشهير بجدة، الذي يعد أحد أهم وجهات "شراء وبيع" الذهب في العروس، قال أكثر من بائع التقت بهم "الوطن"، إن الحجاج الأفارقة يتصدرون المرتبة الأولى في الشراء، ويكون إقبالهم قبل أيام من ذهابهم لقضاء يوم التروية بمنى، وبعد انتهاء المناسك، وبرر البائعون ذلك بجودة وجمالية تصنيع الذهب في السوق المحلي.

وأشار مصنّع الذهب سالم بامفلح، إلى أنه بالرغم من أن أفريقيا تعد المصدر الرئيس للذهب على مستوى العالم، خاصة أن الكثير من الدول الأفريقية تعمل على زيادة جهودها لتعدين الذهب، كما تبحث شركات التعدين الدولية بنشاط عن الفرصة التجارية في أفريقيا، إلا أن ذلك لم يشكل عائقا أمام بيع الذهب لدينا، بل يكثر إقبالهم على شراء "الذهب" المصنع محليا، خاصة الموديلات الكلاسيكية ذات الوزن الثقيل، سواء كان في المواسم الدينية "العمرة والحج" أو بقية شهور السنة الأخرى.

وتعدّ المنطقة التاريخية – المنطقة المركزية بالبلد - إحدى الوجهات الأكثر استقطابا للحجاج الأفارقة، وإذا دخلت إحدى تلك المحال، فما عليك إلا أن تطرق سمعك وتسمع عمليات بيع الذهب بين العاملين، الذين أتقنوا بعض مفردات اللهجات المحلية لبعض الجنسيات الأفريقية.

جنوب أفريقيا، غانا، وزيمبابوي، وتنزانيا وغينيا، ومالي، هي الجنسيات الأفريقية الأكثر شراء للذهب من غيرها من الجنسيات الأخرى ـ بحسب عدد من المتخصصين في أسواق الذهب ـ يتقاطع ذلك مع تقارير نشرها الموقع الإلكتروني الخاص بالتوقعات الاقتصادية الأفريقية، من أن دول تلك الجنسيات هي الدول المنتجة للذهب، والتي ستستفيد كثيرا من ارتفاع أسعار الذهب.

وفي المنطقة التاريخية، تختلط رؤية الحجاج في القدوم إلى هذه الضاحية الحيوية من ناحية التاريخ والاقتصاد، فهم يقومون بشراء احتياجاتهم المختلفة قبل حزم أمتعتهم نحو الوقوف بعرفات الله، مع نظرة الأوراق التاريخية لآثار هذه المنطقة، التي ما تزال تحمل شيئا من العشق، فترى فلاشات الكاميرات التي يحملونها في أذرعتهم، إضافة إلى كاميرات هواتفهم النقالة تسجل ذكريات قدومهم إلى ما تبقى من معالم "جدة القديمة"، وهم يتنقلون بين مساجدها، التي يحمل بعضها مئات السنين من تأسيس بنيانها، وظلت رواشين نوافذ العمائر، والأزقة القديمة، معالم استقطاب أخرى لزوار بيت الله الحرام.