لم تكن أبعاد الحملة الإعلامية الواسعة، التي بدأتها الجهات المعنية الرسمية قبل بدء موسم الحج بأسابيع، والمتعلقة بضرورة أخذ حصول من يريد أداء المناسك على "التصريح النظامي"، محصورة في "عالم الكبار" فقط أو من تقع عليه الشروط الخمسة الواجب توفرها في كل من يريد أداء مناسك الحج.
بل على العكس تماماً فالأبعاد التي ربما أرادت الجهات المسؤولة عن شؤون الحج إيصال مفرداتها المعرفية والنظامية "للمخالفين" من الحجيج غير النظاميين، وصلت من حيث عرفوا أم لم يعرفوا إلى "عالم الصغار" والطفولة البريئة.
هنا في إحدى المدراس الخاصة بجدة الواقعة في الجزء الشمالي من جدة، وتحديداً بمدرسة "مهد السفراء" للأطفال، تفاجأ أولياء أمور الطالبات والطلاب ذوي السنوات الست، بأطفالهم وهم يرتدون أزياء ومستلزمات الحج، بعد صرفهم من المدرسة بعبارات "الحج الصحيح يبدأ بالتصريح"، أو عبارات طفولية أخرى كـ"لازم تصريح يا بابا عشان ما نضايق الناس في الحج".
الفكرة التي رسخت في أذهان الأطفال، جاءت بعد مبادرة عملية "لرحلة الحج المقدسة" قامت بها إدارة النشاط المدرسي للأطفال من البداية وحتى النهاية، وكانت البداية من المكتب المعتمد لإصدار تصاريح الحج، الذي كان المرحلة الأولى في أداء شعيرة الحج المقدسة، الطفلة شروق بنت صالح بن حلي (المرحلة التمهيدية الثالث – KG3)، كانت تتحدث إلى والدتها عبر انتهاء الوقت الدراسي بشغف كبير عن رحلة الحج، ولكن تركيزها الكبير في مفاصل حديثها كان يدور حول "التصريح".
شروق التي ارتدت ملابس الحج البيضاء وتجهزت لهذه المناسبة التدريبية العملية قبل أسبوع من حصة النشاط، كانت تتحدث عن المكتب الرسمي للتصاريح، وأن الموظف المختص أعطاها بطاقة "المرور" لرحلة الحج عن المشاعر المقدسة التي بدأت بطواف القدوم، وما بعدها من رحلة "المشاعر المقدسة".
هدف النشاط بحسب موقع المدرسة على صفحتها الرسمية في شبكة التواصل الاجتماعية "فيسبوك"، إلى تعليم الأطفال شروط وأركان وواجبات شعائر أداء مناسك الحج المقدسة، عبر مجسمات تمثيلية تصور واقع المشاعر، كمنى وعرفات ومزدلفة، إضافة إلى مجسم للكعبة المشرفة، ومستلزمات أجواء الحج الأخرى كالخيام وغيرها.
الاختصاصية الاجتماعية بأحد المراكز الخاصة سلوى نعيم تشير في سياق حديثها إلى "الوطن"، عن التجربة من أن تعليم الأطفال الصغار على "الأنظمة المرعية في الحج"، وبخاصة الحصول على التصاريح اللازمة لذلك، يعزز احترام وقواعد سلوك "النظام" في نفوس الناشئة بشكل كبير، وتعلمهم الانضباط أمام القوانين، وقالت: "إن تعليمهم خطوات الحج خطوة بخطوة تعد فكرة مهمة لترسيخ الأنظمة التي تود الجهات الرسمية إيصالها للمجتمع"، كما طالبت الاختصاصية بضرورة أن تشمل حملة العام المقبل برامج خاصة تعليمية للأطفال تصاحب حملات تصريح الحج، وعدم الاكتفاء بتوجيه الرسائل للبالغين فقط.