اعتدنا أن تختفي بعض المشاريع وتذوب في ثنايا الصمت.. شاهدنا كيف "تتوارى" بعضها كـ"غزال" مرعوب..!
تعايشنا مع تساقط الأرقام، وتعقيد "الأوامر".. وتأقلمنا مع التعثر وسلحفائية التنفيذ المحبطة.
كل هذا مر علينا كسعوديين، حتى أصبحنا - وضمير الجمع حقيق هنا – لا نفرح كثيرا بالإعلان عن أي شيء ما لم نره عيانا بيانا.
الحدث الذي مر دون أن يستوعبه نحو مليون مواطن سعودي، هو اختفاء "مدينة" بكل الآمال المعلقة بها.. بكل تفاصيل المستقبل وحقوقه واستحقاقاته!.
في 7 يناير 2007 استيقظ أهالي "تبوك" على مشهد لوحات عملاقة تحتل أرصفة الشوارع، وتحمل صور تخيلية لمدينة اقتصادية ضخمة.. وفي اليوم التالي تسابقت الصحف للحديث عن تفاصيلها، ومن بينها صحيفة "المدينة" التي قالت: "سيصل حجم الاستثمارات في مدينة تبوك الاقتصادية التي سيضع خادم الحرمين الشريفين حجر أساسها يوم السبت المقبل على هامش زيارته لمنطقة تبوك نحو 100 مليار ريال.. وتمتد على مساحة 50 كم.. وأن شركة (سعودي أوجيه) ستكون الشركة المطورة بتحالف مع كبريات الشركات السعودية والدولية ومنها شركة بن لادن وبعض الشركات الأميركية.. ومن المتوقع أن يضم التحالف شركتين مصريتين.. وسيخصص 30% من رأسمال الشركة للاكتتاب العام، ومن المتوقع أن يبدأ العمل فيها خلال العام المقبل".
كانت الصحف تتحدث بإسراف عن آلاف الوظائف والفرص الاقتصادية التي ستوفرها هذه المدينة لشباب المنطقة.. عن المستقبل المنتظر لنحو مليون مواطن سعودي يقطنون تبوك.
اليوم، يعيد معظم الشباب، الذين تلاشت آمالهم بتلك المدينة؛ ذات السؤال الذي علقه الأمير الوليد بن طلال، في لقائه الشهير: "أين اختفت مدينة تبوك الاقتصادية؟".
أعيد التذكير بهذا السؤال الآن، وأنا أحفظ جيدا كلمة خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ أثناء زيارته لتبوك حين قال: "الوطن ليس حكرا لشخص دون آخر ولا لفئة دون أخرى".. فهل تجيب "الهيئة العامة للاستثمار" عن سؤال "تبوك" وتغلق باب التكهنات؟ أم إنها ستتوارى كغيرها؟!