غمرتني القرية التراثية بعطر المهرجان الوطني للتراث والثقافة: "جنادرية 29" برحابتها وحسن تعامل وتنظيم القائمين عليها، وأعلنت سادسة ليالي الجنادرية أننا بلغنا 420 ألف مواطن ومواطنة، فضلا عن الفرسان والفارسات والجنود المجهولين لنقل الحدث والباعة والبائعات، ونحن كزوار نتخطى المليون الأول بانسيابية.

أتفق مع المطالبين بفتح القرية التراثية طوال العام في الرياض أو تخصيص فصل الشتاء وبدايات الربيع لمنح أكبر فرصة لمن يود زيارتها، خاصة من خارج المنطقة، اقتراح "جنادرية مصغرة" تقام في مصائف البلاد للاستمتاع بهذا المهرجان الوطني المحبوب للتراث والثقافة قد يكون واردا ومرحبا به من الجميع كما يتردد. حجم الإقبال والطلب المتزايد على ربط الإرث الحضاري والترفيه المثري للذائقة يغنينا عن فتح مجال التصويت على توفر الجنادرية في مناطق البلاد، معلومة للمنادين بأن تشمل القرية التراثية مدن المملكة -فقد لا يعلمون- أن كل مدينة ومحافظة لديها متحف وقصر تراثي مبني من الطين تقام فيه فعاليات أهالي المنطقة.

زرت المهرجان في اليوم الذي شكل المواطنات والمواطنون فيه أرقاماً تعلن الولاء والفخر، تتمتع وتبتهج بنعمة الأمن والأمان وتجاوزنا المليونية، ثاني ليلة للعائلات بدون الإحساس بالازدحام لحسن التنظيم ولأنها قرية عملاقة قادرة على الاحتواء تتدفق ينابيع وشلالات البهجة بين طرقاتها، قوة شرائية ومبيعات لمواطنات ومواطنين احتلالهم للمتاجر الصغيرة على مد البصر، كل ما يريده أي فرد من أفراد الأسرة متوفر بين خطوة وأخرى لا يمكن سردها في مقالة وليس أجمل من زيارة القرية ومعانقة البصر للتفاصيل.

كتبت هذه المقالة وسابعة ليالي الجنادرية تتخطى نصف المليون زائرة وزائر، معلنة تجاوز المليون ونصف المليون زائر منذ بداية المهرجان، عندما يأتي وقت الإثبات والبراهين، البصر والبصيرة يذهبان إلى المشهد الواقعي لا الافتراضي حقيقة نوثقها بصريا وحرفيا بحبر القلوب موجهة لكل من تكسب على حساب تشويه الوطن بالتذمر والأكاذيب والافتعال ووسوم الفتنة، إن أي رد ملجم بالأفعال مهما بلغت ضخامته، لن يكون بعفوية ما قدمته الجنادرية بالأرقام والصورة والبث الحي المباشر الموثق لما نحن عليه فعليا كشعب متضامن ومتماسك ومتذوق للفنون، يدرك محن الآخرين من الأشقاء ويدعمهم، ويدرك أيضا أهمية رسائل الداخل الوطني إلى الخارج.

أهم رسالة وطنية توجه للداخل والخارج "المضي في مكافحة الإرهاب والقتامة بإبراز الفنون والإبداع الوطني، ودعم الوحدة العربية ببرامج وندوات فكرية وأدبية تقدم حضارتنا رغم محاولات التمزيق والهدم".

عندما تنشر مقالتي هذه بإذن الله، سيكون الزوار على موعد مع ثالثة أو رابعة المليونيات إن لم تتخطاها.