أن تعرض البرامج الحوارية قضايا التعليم فهذا أمر اعتدناه، وإن كنا لم نعتد حقيقة أن يكون لطرح القضايا التعليمية هذا الرد القوي والحاسم، لكن في وزارة صاحب السمو الأمير خالد الفيصل يصبح الأمر ممكناً واعتيادياً.
برنامج الثامنة أحضر الفئة الأهم –حتى من الطالب في التعليم- وتكلموا بجرأة وواقعية عن قضاياهم؛ مما أحدث أثراً نرجو أن يحمل معه ثماراً ومردوداً يسر المجتمع كله.
لكن برنامج الثامنة يظل مجرد ساعة لا تستوعب كل القضايا التي تعانيها هذه الوزارة، ولا أظن أن الأمير الوزير سينتظر أن تنقل له القنوات ما تعانيه هذه الوزارة، بل سيعمل بنفسه على اكتشافه، وذلك لن يكون ممكناً إذا لم يقابل فئة الموظفين الأهم في الوزارة وهم المعلمون والمعلمات.
في الفترات الماضية كانت العلاقة بين المعلمين ووزارتهم على شفا جرف هارٍ، ولم يبق أحد لم يسمع بقضايا المعلمين المرفوعة إلى الوزارة، وللأسف ظلت الوزارة تحاول على مضض حل هذه القضايا على الرغم من أن بعضها حتى المنطق ظل عاجزاً عن تفسيرها مثل قضية احتساب سنوات الخدمة، فقد احتسبت الوزارة سنوات من عملوا في مدارس خاصة بعقود ورفضت احتساب نفس السنوات في نفس الفترة لمعلمين ومعلمات تعاقدوا معها هي؛ أي وزارة التربية والتعليم!
ناهيك عن وجود 250 ألف معلم ومعلمة ترفض الوزارة معاملتهم بالعدل، ومازالوا يكتمون في داخلهم غضباً عارماً على وزارتهم بسبب الغبن في رواتبهم وسنوات خدمتهم ممن تم تعيينهم من سنة 1416 إلى 1428؛ أي أن الوزارة لن تتخلص منهم بالتقاعد قريباً، وسيظلون يدخلون الفصول وفي داخل أحدهم حنق وغضب يجعلنا نتساءل: هل سيدعم الوزارة موظف غير راض عنها في مشاريع التطوير أو الإصلاح؟
ناهيك عن لغة الوزارة فيما خبرناه من متحدثيها في فترات سابقة؛ حيث تطغى لغة الأمر والتهديد والوعيد ممّا أسهم في تحقير المعلم وتهميش دوره في نظر طلابه بسبب نقل الصحف لتلك التهديدات والتحذيرات، والمفترض أن تصل للمعلم دون علم أحد، فهذا المعلم هو صانع المستقبل والمؤثر على النشء، فكيف تتوقع أن يؤثر إيجابياً والصحف تنشر في الصفحة الأولى وزارة التربية تحذر المعلمين بلغة قاسية ومتعالية في غالبها؟!
من جانب آخر، الالتقاء بالمعلمين والموظفين سيكشف بلا مجال للشك عن قضايا الفساد، وأظنها موجودة وبقوة، وخصوصاً في موضوع المباني المدرسية التي كلفت الدولة مبالغ تبني مدناً وليس مجرد مدرسة وانكشف بناؤها في الأمطار الماضية؛ ممّا ينبئ بأنها لن تعطي بقدر ما دفع فيها.
في الواقع المباني المدرسية وصيانتها وتجهيزها تنتظر موقفاً من الفيصل، فالبلد تستثمر وتنتظر صمود ما استثمرته وليس فناءه وتحوله لكومة من تراب بعد سنوات قليلة!
أيضاً المقاصف المدرسية والشركات المستفيدة لماذا يتم التمديد لها ووجباتها تسمم أطفالنا، ولا تقدم وجبة صحية، وتستنزف مصروف هؤلاء الصغار لتقدم لهم مرض السكر والسمنة؟ من يشجعهم ومن يقف خلفهم؟ ولماذا توقع العقود معهم؟ ولماذا لا يراجع ما يقدمونه؟
أيضاً الموظفون الكبار الذين عاصرهم الجميع ويعرف أنهم كانوا عقبات في وجه إصلاح التعليم؛ من المسؤول عن وجودهم في شركة تطوير؟ وكيف وصلوا إليها إلا إذا كان هناك فساد إداري لعب دورا في وجودهم؟ هؤلاء سيدفعوننا للخلف، بينما هناك الكثير من الذين يدفعوننا للأمام يتم تجاهلهم لأنهم ليسوا من "الشلة"؟!
في الحقيقة أتكلم عن ذلك لأني وأنا أتصفح "تويتر" وجدت اسماً أعرفه جيداً يتبوأ الآن مركزاً مرموقاً في "تطوير ..."، وأعرف أنها كانت عقبة في تدريب المعلمات بغرورها وعنجهيتها ولغتها وإدارتها السيئة، ومثلها كثير!
كما أن بعض موظفي الوزارة يجمعون بين ثلاث وظائف في وقت واحد، ولا أعرف الخبرة التي جذبت شركة تطوير أو موهبة أو... إلخ لهم، وعملهم يعرفه الجميع ويعاني منه، أين شباب المملكة وبناتها ممن ابتعثتهم الوزارة أو أوفدتهم؟ لدي زميلة حصلت على الماجستير في الجودة من جامعة "كاردف" البريطانية حيث كانت مع زوجها المبتعث، ثم عادت فقامت مديرة شؤون المعلمات بتوجيهها لتدريس المرحلة الابتدائية! هل اكتفينا من الخبرات الإدارية في الجودة مثلاً أم ماذا بالضبط؟! ومثل زميلتي هذه عشرات من حملة الدكتوراه والماجستير صرفت عليهم الوزارة وتسربوا للتعليم العالي أو الشركات أو فضلوا التقاعد!
إن مثل هذه القضايا لن يعلمها سمو الوزير إلا بلقاء المعلمين والموظفين، وأنا واثقة في أنهم سيقدمون له شهادات مدعمة وبالتفصيل أكثر بكثير ممّا قدمه برنامج الثامنة أو داود الشريان.
فهل ننتظر لقاءات بمعلمي كل مدينة على حدة؛ لقاء مفتوح للتعرف على أمراض الوزارة لعلاجها ثم الانطلاق بها نحو ما تستحقه وننتظره؟