17 ساعة فصلت بين انتخاب السعودية لعضوية غير دائمة بمجلس الأمن، واعتذارها عن عدم القبول بهذا المنصب؛ لاعتبارات تتعلق بعجز المؤسسة الدولية عن ممارسة دورها في حفظ الأمن والسلم العالميين.

ولقي موقف الرياض صداه في الكثير من العواصم العالمية منها فرنسا، التي شاطرتها خيبة الأمل تجاه عدم قيام مجلس الأمن بالدور المطلوب منه، في حين بنت المملكة موقفها تجاه الاعتذار عن عضوية مجلس الأمن على 3 ملفات، طبقا لبيان وزارة الخارجية، وهي استمرار القضية الفلسطينية دون حل منذ 65 عاما، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، والأزمة السورية. وفيما عدّ مندوب المملكة الدائم بالأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي، أن إصلاحات بلاده المقترحة لمجلس الأمن ستسغرق وقتا طويلا، قال عضو الشورى زهير الحارثي إن الرياض نأت بنفسها عن النفاق السياسي بهذا الاعتذار.




على قدر أهمية الحدث، وانتخابها كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي، إلا أن ذلك لم يمنعها من التخلي عن العضوية بعد 17 ساعة فقط من حصولها عليها، ليأتي بيان صبيحة الأمس، ويضع علاقة أهم الدول العربية والإسلامية على المحك مع المؤسسة الدولية المسؤولة عن حفظ الأمن والسلم العالميين.

الرياض، شكلت موقفها واعتذارها عن عضوية مجلس الأمن "غير الدائمة"، وفقا لـ3 ملفات، هي: الصراع العربي الإسرائيلي، انتشار أسلحة الدمار، الأزمة السورية، التي عدّت استمراريتها دليلا ساطعا وبرهانا دامغا على عجز مجلس الأمن الدولي.

وجاء هذا الموقف للمملكة، بعد أسابيع قليلة، من توجيه وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل إلغاء كلمة السعودية في اجتماعات الأمم المتحدة التي شهدتها نيويورك، كاحتجاج ناعم أبدته الرياض تجاه ترهل المؤسسة الدولية، واتخاذها سياسة الكيل بمكيالين في غالبية الموضوعات المعروضة أمامها.

عضو مجلس الشورى والمحلل السياسي الدكتور زهير الحارثي، قال إن الرياض نأت بنفسها عن النفاق السياسي، الذي تنتهجه بعض الدول في حال تحقيقها مكاسب داخل المؤسسات الدولية.

ويرى الحارثي في اتصال هاتفي مع "الوطن" أن القرار السعودي جاء ترجمة لموقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز، المنتقد لعجز الأمم المتحدة عن الانتصار للشعوب المظلومة، بعد أن استخدمت كل من روسيا والصين الفيتو ضد قرار يدين نظام الأسد في الأزمة السورية.

ولا يتفق عضو مجلس الشورى، مع الأصوات التي كانت ترى ضرورة تريث الرياض عن اتخاذ هذا القرار، لوجود إمكانية لديها من خلال عضويتها غير الدائمة في تحقيق خطوات ملموسة تجاه خارطة الطريق التي قدمتها لاجتماعات روما في فبراير الماضي لإصلاح مجلس الأمن.

وقال "في تصوري إن المملكة تعي تماما أن تعثر حل مشكلة مثل القضية الفلسطينية لـ65 عاما لن يفيد معه قبول عضوية غير دائمة لسنتين.. المسألة في كل ذلك تتوقف على الإرادة السياسية المفقودة لدى الدول الكبار".

وعدّ الدكتور زهير الحارثي، أن اعتذار الرياض عن قبولها بعضوية مجلس الأمن الدولي، رسالة سياسية للدول الكبار والمجتمع الدولي، أنْ حان الوقت لتعوا مسؤولياتكم، كما أنها أرادت كذلك أن تكشف واقعهم أمام العالم بشكل علني، مؤكدا أن المملكة بهذا الموقف مارست دورا عالميا شجاعا سيذكره التاريخ.

وأبان بالقول: "اللافت للنظر في هذا الموقف، أن الدبلوماسية السعودية أصبحت أكثر وضوحا وشفافية.. هذا الخط جديد له أهدافه.. وما ذلك إلا رسالة سياسية بامتياز لكشف واقع المجتمع الدولي، ويأتي بعد أسابيع من اعتذارها إلقاء كلمتها داخل اجتماعات الأمم المتحدة".

وبسؤاله عما إذا كان يتوقع أن تمارس بعض الدول ضغطا على السعودية لثنيها عن قرار اعتذارها عن عضوية مجلس الأمن الدولي، قال الحارثي: "في تصوري أن هناك امتعاضا من الموقف السعودي، ولكن الرياض قالت كلمتها، وأصبح إصلاح مجلس الأمن ضرورة ملحة".

وسجلت السعودية أمس، موقفا صباحيا، أعلنت فيه اعتذارها عن قبول العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن. ولفت بيان وزارة الخارجية الصادر بهذا الخصوص إلى "أن المملكة العربية السعودية ترى أن أسلوب وآليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في مجلس الأمن تحول دون قيام المجلس بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب، الأمر الذي أدى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم، واتساع رقعة مظالم الشعوب، واغتصاب الحقوق، وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم".

وكانت المملكة قد قدمت خارطة طريق لإصلاح مجلس الأمن الدولي في اجتماعات شهدتها العاصمة الإيطالية روما مطلع العام الجاري. وحمل بيان الخارجية أمس أسف الرياض أن جميع الجهود الدولية التي بذلت في الأعوام الماضية، التي شاركت فيها المملكة العربية السعودية بكل فعالية لم تسفر عن التوصل إلى الإصلاحات المطلوب إجراؤها؛ كي يستعيد مجلس الأمن دوره المنشود في خدمة قضايا الأمن والسلم في العالم.

وبنت المملكة، موقفها في الاعتذار عن العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن، على 3 ملفات رئيسة.

وعن الملف الأول قالت "إن بقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل ودائم لخمسة وستين عاما، التي نجم عنها عدة حروب هددت الأمن والسلم العالميين، لدليل ساطع وبرهان دامغ على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته".

وعدّت في الملف الثاني "أن فشل مجلس الأمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للمراقبة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية ليعد دليلا ساطعا وبرهانا دامغا على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته".

أما في الملف الثالث فرأت "أن السماح للنظام الحاكم في سورية بقتل شعبه وإحراقه بالسلاح الكيماوي على مرأى ومسمع من العالم أجمع ودون مواجهة أي عقوبات رادعة لدليل ساطع وبرهان دامغ على عجز مجلس الأمن عن أداء واجباته وتحمل مسؤولياته".

وانطلاقا من تلك المواقف، فلقد أعلنت المملكة أنه "وانطلاقا من مسؤولياتها التاريخية تجاه شعبها وأمتها العربية والإسلامية وتجاه الشعوب المحبة والمتطلعة للسلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم، لا يسعها إلا أن تعلن اعتذارها عن قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاحه وتمكينه فعليا وعمليا من أداء واجباته وتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم العالميين".


رأي "الملك" في الأمم المتحدة


الرياض: الوطن


وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لدى استقباله ضيوف مهرجان الجاندرية بقصره بالرياض في فبراير الماضي، انتقادات إلى الأمم المتحدة، واصفا ما جرى فيها خلال تلك الفترة من اعتراضات على مشروع قرار يدين ما يرتكبه النظام السوري تجاه شعبه، بأنه "غير محمود ولا يبشّر بالخير"، وأن "ثقة العالم كله في الأمم المتحدة اهتزت".

وألقى خادم الحرمين حينها الكلمة التالية:

إخواني وأشقائي: أحييكم تحية الإسلام، أحييكم في بلدكم المملكة العربية السعودية، وهي بلد للخير، وكل إنسان فيه خير لدينه ووطنه ولأمته العربية والإسلامية، كلكم تستحقون الشكر، وتستحقون الثناء؛ لأنكم رجال كافحتم لخدمة دينكم ووطنكم، وإن شاء الله أبناؤكم يسيرون سيركم. المملكة العربية السعودية تفتح ذراعيها تحية لكم. تفتحها لكل إنسان فيه خير لدينه ووطنه وشهامته.

يا إخوان: نحن في أيام مخيفة.. مخيفة. ومع الأسف الذي صار في الأمم المتحدة في اعتقادي هذه بادرة ما هي محمودة أبدا. بادرة كنا وكنتم نعتز بالأمم المتحدة تجمع وما تفرق تنصف وما يتأمل منها إلا كل خير وإلى الآن نحن نقول إن شاء الله. لكن الحادثة التي حدثت ما تبشر بخير؛ لأن ثقة العالم كله في الأمم المتحدة ما من شك أنها اهتزت. الدول مهما كانت لا تحكم العالم كله أبدا أبدا، بل يحكم العالم العقل، يحكم العالم الإنصاف، يحكم العالم الأخلاق، يحكم العالم الإنصاف من المعتدي، هذا الذي يحكم العالم، لا يحكم العالم من عمل هذه الأعمال كلها. ولكن يا إخواني، إن شاء الله إنكم من الصابرين، وسنصبر ونصبر حتى يفرجها الله، والله يمهل ولا يهمل، أرجوكم بلغوا تحياتي لإخواني الذين وراءكم في كل بلد. والسلام عليكم ورحمة الله.


المعلمي لـ "الوطن" : إصلاحاتنا المقترحة ستستغرق وقتا


الرياض: نايف الرشيد


أكد مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله المعلمي، أن المشروع الإصلاحي الذي تقدمت به الرياض لتوسيع عضوية مجلس الأمن لا يزال قيد الدراسة وسيستغرق وقتاً طويلاً نظراً لحساسيته.

وأشار خلال اتصال هاتفي أجرته معه "الوطن"، إلى أن مبادرة الرياض الخاصة بإصلاح مجلس الأمن عبر توسيع عضويته، لا تزال قيد البحث والدراسة في الجمعية العامة للأمم المتحدة من قبل جميع الأعضاء، مفيداً بأن المملكة لها مواقف واضحة في هذا الشأن عبر تقديم مقترحات محددة وهي تعمل ضمن مجموعة أنشئت مؤخراً لإصلاح إجراءات مجلس الأمن، وتابع بالقول: "لا تزال الرياض تدفع في هذا الاتجاه"، مستدركاً بالقول: "ندرك جميعاً أن لهذا الملف حساسية وأهمية وسوف يستغرق بعض الوقت وسيحتاج لتعاون الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تحظى بميزات ويستلزم الصبر والأجل الطويل للتعامل مع هذا الملف". وحول الأزمة السورية وفشل مجلس الأمن في إصدار قرارات ملزمة لوقف سيل الدم السوري من قبل قوات النظام، أمل مندوب الرياض الدائم لدى الأمم المتحدة أن يكون لمجلس الأمن الدور البارز والمطلوب منه لحل الأزمة.

وأوضح المعلمي أن الرياض ليست راضية بشكل كامل عن دور وأداء مجلس الأمن حيال الأزمة السورية، موضحاً أنه في الوقت السابق كان مجلس الأمن "معطل" عن اتخاذ أي قرار، وتابع قائلاً: "حينما اتخذ قراره المتعلق بالأزمة السورية ركز فقط على إزالة الأسلحة الكيميائية ونسي المعاناة الكبيرة التي يعانيها الشعب السوري". وجدد التأكيد على أن المملكة تتمنى أن ينظر مجلس الأمن بشكل فاعل ومجد في مسألة الحل السريع للأزمة السورية يرضي ويحقق طموحات الشعب السوري.