نبيل حاتم زارع


يخلط الكثير ما بين المواطن الصالح والرجل الصالح، فالأخير رجل خلوق متمسك بمبادئ الإنسان الصالح والنموذج الخلوق في التعامل مع الناس، والتزامه بأداء العبادات والفرائض، وحرصه على اجتناب الكبائر والمحرمات، وعدم اتباع الهوى والشهوات، ويظهر أمام الجميع بأنه رجل الخير والتقوى، ويكون محل ثقة الجميع في أقواله ودرايته ببعض الجوانب الشعائرية، وربما يكون مرجعا ثقافيا أو حتى فكريا، أو لربما يكون مبدعا في مجاله، ويسعى الجميع للاستئناس برأيه، والأكثر لربما يحرص الجميع على التقرب إليه، على أنه من الرجال الأفاضل الذين يسعد الكثير بالتقرب إليهم.

ولكن السؤال، هل تنطبق عليه المواطنة الصالحة ويظهر ذلك من خلال خدمته لوطنه سواء في عمله أو في تمثيل بلده خارجيا؟ وكيفية التعريف بوطنه وبخيرات وطنه؟، إضافة إلى حرصه على التقيد بتعليمات وطنه، وعدم تجاوز الأنظمة والتعليمات، وعدم الإساءة للوطن من خلال التحريض السلبي بأي وسيلة كانت. فهناك فرق بين من ينتقد من أجل الإصلاح، وبين من يهاجم ويسيء ويقذف بالعبارات المسيئة، والأخطر من هذا هو الاستغلال، والاستغلال هنا هو استغلاله لثقة الجميع به بأنه رجل صالح ومصدق في كل قول وفعل، فهذا هو الاستغلال السلبي وأعتقد بأن هذا لا يعد مواطنا صالحا.

وقد نرى من بعض الملاحظات، أن هذا الإنسان الصالح حينما يذهب لأداء الفريضة بالمسجد، تجده يوقف مركبته في مكان خاطئ، وربما يسد الطريق على مركبات أخرى، وفي نفس الوقت لا يعبأ بالضرر الذي يلحق بالآخرين، بحجة أنه يحرص على أداء فريضة واجبة، ونسي هذا الإنسان الصالح أنه بهذا العمل سيكون مواطنا غير صالح، علاوة على غيابه عن العمل، وعدم سعيه لإنهاء معاملات المراجعين، ومماطلتهم في الإجراء، إضافة إلى تحامله الشخصي مع بعض الذين لا يتفقون معه في نفس أهدافه ومفاهيمه الخاصة، وينعكس ذلك على إنجازه لأعمال المراجعين من إخوانه المواطنين.

وأعتقد أن الإساءة للوطن من خلال الإنسان الصالح هي أخطر وأشد فتكا بالوطن والمواطنين؛ لأنه ـ للأسف ـ لا يدرك معنى احترام الوطن واحترام تعليماته وأنظمته، ونسي هذا الإنسان الصالح أنه يعيش في خير وطنه وأمنه وعلمه.