أنقل لكم رسالة ساخرة تقول: إذا لم تقم بإعادة هذه الرسالة لعشرة آلاف شخص، فسوف يأتيك ديناصور (ويعضك) من خشمك. وللتخلص منه ننصحك بالصراخ وتقول له: (عوعو، نونو، هوهو). فعلا استحقت بأسلوبها الساخر أن تكون أظرف رسالة واتس آب في اليومين الماضيين. وأكيد أن صاحبها قد كتبها بعدما طفح به وبنا الكيل من الذين أشغلوا أنفسهم بإعادة إرسال كلما يصل إليهم من رسائل في الجوال والإيميلات. هؤلاء ليسوا ردادين للإشاعات فقط بل هم حقل تجارب لظاهرة خطيرة تستحق الدراسة. فهل يعقل أن يعمل أفراد منا كأنهم أدوات وقنوات لترويج الأشاعات!

لماذا استشرت في مجتمعنا ظاهرة عدم القدرة على مقاومة أي طلب يأمرنا بإعادة إرسال الرسالة إلى المشتركين معنا في المجموعات؟ ولماذا نعيد ونكرر إرسال أية رسالة حتى لو كانت مخالفة لما نعتقد.. ونصر على إرسالها رغم علمنا أنها غير صحيحة؟ أقرب الشواهد للتدليل على وضوح الكذب والخداع في هذه الرسائل، التحذير الصريح بإيقاف خدمة الإنترنت والواتس آب عند عدم إعادة الإرسال لعدد آخر من أفراد مجموعاتنا. ورغم تأكد هؤلاء أن غيرهم والكثير من معارفهم لم يستجيبوا للتحذير ومع ذلك لم تنقطع عنهم الخدمة، إلا أنهم لازالوا مصرين على جعل أنفسهم وسيلة وقناة لنشر أفكار مروجي الإشاعات وتلفيق الأكاذيب!

أتردد ألف مرة في أن أقول إن هذه الظاهرة تعكس حالة نفسية قابلة للاستجابة لهؤلاء الردادين، وبالتالي لو أن لمصادر هذه الإشاعات هدفا مستقبليا فإنهم قد نجحوا فعلاً في استخدامهم حقل تجارب لمعرفة قابلية نشر إشاعات وأكاذيب أخطر مستقبلاً. وبذلك هيؤوا لأنفسهم قنوات جاهزة لنشر وترديد الإشاعات مستقبلاً على أعداد كبيرة ونطاق أوسع، من خلال أفراد منا ومن دون وعي بخطورة ترك هذه الظاهرة تستشري.