إذا كان رضا الناس غاية لا ولن تدرك، فإن معادلة تحقيق نسبة الرضا التي حصدها المهرجان الوطني للتراث والثقافة "جنادرية 29" تقدم عبقرية الإدارة السعودية ونوعية دعمها لهذا المحفل الوطني.
جهود هذا العام جبارة تستحق الإشادة بوزارة الحرس الوطني، ووسائل الإعلام المسهمة في نقل الحدث، وبنجوم سطعت وأبهر بريقها العالم "المواطنة والمواطن المشاركان في إبراز وحفظ الإرث التاريخي العريق والفخر بالمعجزة السعودية، التي وحدت البلاد والعباد، وجعلت الحرف والصناعات مصدر فخر وثراء وطني وثقافي، غني بفنون مناطقنا المتدفقة إلى الجنادرية بخيرات الأرض، تمور بأنواعها، وزيوت وأزهار، وحلي توجت جبين مرتادات المهرجان صبايا ويافعات، ومنتوجات تذوقها أبناء الوطن على اختلاف مناطقهم، وما تتميز به كل منطقة.. وتكحلت الأبصار برؤية البهجة والتراحيب بالعروض والعرضات وأسلوب الاحتفالات الثري والمتنوع".
إقبال الزوار بالملايين يحقق معادلة جمع عدد غير محدود من المنافع بزيارة المهرجان، مع مزيج من مشاعر الأسف والفخر بتحول القرية التي عرفناها متقاربة في أجنحتها، إلى مدينة عملاقة لا يمكن أن يشملها الناس خلال وقت قياسي، سيصلون فيه صلاة المغرب والعشاء، ويلتقطون أنفاسهم للتجول في ربع المساحة على أكثر تقدير، وليس الجميع قادرا على تكرار الزيارة في الموسم نفسه للاطلاع على أجنحة لم يسعفه الوقت واللياقة لزيارتها.
نعيش وفق نمط معيشي ليس له علاقة باللياقة البدنية، فضلا عن اصطحاب الأطفال، رغم توفر عربات ممتعة تقيهم إرهاق المشي لمسافات شاسعة، إلا أن ذلك لا يمنع إجهاد الوالدات والآباء والمسنين بالمشي لمسافات غير محدودة؛ للتجول في غالبية الأجنحة والمعارض.. مسألة غياب وسائل التنقل تفقد الرحلة الاستكشافية بهجتها.. وأعيد هنا مقترحا سبق طرحه، نأمل من وزارة الحرس الوطني إسناد مشروع النقل داخل القرية لشباب الوطن يديرونه، بحيث يزور المتجول غالبية الأجنحة، ويستثمر الوقت في الزيارة بدلا من المشي المضني.. المسافة مرشحة في أعوام مقبلة مع التوسعة للزيادة، مما يعني أن حل أزمة النقل من الأمور الملحة حتى لا تفسد بهجة التنوع والثراء والزخم الذي يود الجميع الاستمتاع بتذوقه.
تقديم ما تمخض عن معجزة توحيد السعودية، وتعايش الناس مع مرحلة ما بعد التوحيد الذي تقدمه "الجنادرية بعبقرية"، يستحق أن يواكب تطويره السنوي خطة نقل ميسر، تتوج مطالبات سابقة وتوافرت في "جنادرية 29". على مد البصر بين مسافة وأخرى تتوافر سيارة إسعاف وبرادات ماء وحاويات للحفاظ على البيئة والنظافة وبينها كراسي للجلوس والراحة.. إلخ المنافع، لم يعد ينقصنا سوى سرعة وسهولة التنقل التي نأمل توافرها في "جنادرية 30".
