"إذا لم تنجزي واجبك المدرسي فلن أمنحك الهدية"، "إذا لم تلتزمي بهدوئك فلن أصطحبك معي للسوق، إذا لم تعتذري لأخيك الأكبر سنا فلن تفوزي برضاي" .. لطالما أرقت هذه الكلمات "ريم" التي لم يتجاوز عمرها سن الثانية عشرة، حتى إنها تعدها من الكلمات البغيضة التي لا تود سماعها من والدتها، وتعتبرها حبا مشروطاً لا يتم إلا بعد تنفيذ الذي تطلبه والدتها.

الأربعينية بدور ساير العنزي تعترف أنها تلجأ إلى هذه النوع من الاشتراطات على أبنائها لتظفر بالعمل المتقن منهم، تقول "في حقيقة الأمر لا يمكن أن يختلف اثنان على مدى حب جميع الأمهات لأبنائهن، مهما حدث منهم، ولكننا نلجأ إلى هذا النوع من الاشتراطات التي يمكن وصفها بـ "العاطفية" كوسيلة لتحفيز وتشجيع الأبناء على الاستماع للنصيحة".

من زاوية أخرى ترفض "أم نواف" رفضا تاما التعامل مع أطفالها بهذا الأسلوب، حيث تقول: "لا يمكن أن أستخدم هذه المقايضة في معاملتي مع أطفالي، لأنها أسلوب تربوي غير سليم، فأنا أقرأ كثيرا في كتب علم النفس، وأعرف جيدا طريقة التعامل مع الأبناء بحسب أعمارهم، والاشتراط على الطفل أداء أشياء معينة مقابل أخرى يسبب عدم انتمائه لوالديه، أو للأسرة، وستكبر معه هذه الحالة، وتؤثر على شخصيته مستقبلا فيكون كل شيء في حياته بمقابل". من جانبها أكدت أخصائية علم النفس بتعليم القريات، ومشرفة التخطيط والتطوير التربوي هلالة سالم المعبهل أن "الحب المشروط يضر بالصحة النفسية لدى الأبناء، لأنه يضع على الطفل في هذه السن الصغيرة عبئا نفسيا، يكمن في شعوره بأن عليه أن يسعى جاهدا لإرضاء الوالدين أو إحداهما، عندها قد يشعر بأنه لا يستحق محبة الآباء، وهنا تبدأ مرحلة الخطورة، فيشعر الطفل بأنه ليس كفؤا، لأن يحصل على محبة أقرب الناس لديه، وهما الأب أو الأم، فيتسرب إلى نفسه الشعور بالخيبة، وأنه شخص غير جدير بالحب". وأضافت المعبهل أن "خطر هذا الأسلوب في التربية يبدأ عندما يفقد الطفل الثقة بالنفس، ويقع رهينة الشعور المستمر بالأسف والتوتر والإحباط، بعدها يدخل في دوامة غير منتهية ومغلقة للبحث عن السعادة، والاستقرار النفسي مع أسرته".

في المقابل أكدت أخصائية التربية الأسرية مسفرة الغامدي على أهمية الحب في تقوية الروابط الأسرية، وقالت الغامدي"من المهم جدا أن نهتم بمستقبل أبنائنا، وأن نعزز الثقة في نفوسهم، وهذا لا يتواءم أبدا مع الحب المشروط الذي قد ينتزع الثقة من قلوبهم في الصغر، ويلوح بالمصاعب التي لا تنتهي في المستقبل. وبرهنت الغامدي على ما ذكرته بالعلاقة الوثيقة التي تربط الأجداد بأحفادهم، قائلة "لطالما وصف الأطفال أجدادهم بأنهم نهر العاطفة الذي لا ينتهي، ولا ينضب، والسبب يرجع إلى الحب غير المشروط، فالجد والجدة يسكبان العواطف بسخاء على الأحفاد، ولعل السبب مرورهم بتجارب كثيرة، وإدراكهم بأن المشاعر هي مفتاح السعادة، والعامل الرئيسي لتقوية الروابط الأسرية، ولعل هذا أحد أسباب تعلق الأحفاد بأجدادهم".