فيلم Cast Away، يقول باختصار شديد، هذا السؤال: ماذا تفعل أيها الإنسان الضعيف، عندما تجد نفسك فجأة، في جزيرة لا إنسان فيها، ولا حيوان، ولا طعام، ولا ماء صالحا للشرب، ولا قارب يحملك للعودة، ولا طائرة تمر في سمائك، ولا عود ثقاب واحد، يشعل لك أعواد الدفء، ولا صوت من حولك، ولا ظلّ كائن يتحرك أمامك، ليشعرك بأنك ما زلت على قيد الحياة فعلاً.
الفيلم يحكي حكاية، موظف بسيط في شركة فيديكس، سافر مع طاقم الشركة طيراناً، لإيصال بعض الطرود البريدية، لكن الطائرة تسقط في المحيط، لتتقاذفه الأمواج، حتى يصل لجزيرة خالية، بقي فيها 4 سنوات، في انتظار منقذ دون فائدة، في انتظار ما لا يجيء.
الفيلم يطرح فلسفة الضعف الإنساني، في مواجهة التحوّل المؤلم، من عصر الرفاهية والتمدن، إلى عصر اكتشاف النار، والبدائية، على خط زمني أفقي وليس رأسيا، فالبطل يعيش بدائياً في جزيرة، والآخرون يعيشون في قمة التقدم والتمدن والتحضر، ولا يفصله عنهم سوى آلاف الأميال، لكنه لا يستطيع الوصول إليهم، ولا هم يستطيعون، لأنهم لا يعرفون مكانه.
لا غرابة أن يحوز الفيلم على أكثر من جائزة أوسكار، فهو من اخراج المخرج العظيم روبرت زيمكس، ومن بطولة، واحد من أعظم ممثلي هوليود، في كل تاريخها، الفنان الأسطوري توم هانكس.
ما لفت نظري، هو عبقرية المخرج، في عمل فيلم، ثلاثة أرباع مشاهده، في مكان واحد، وبممثل واحد فقط.