كلما ظهرت كلمة "امرأة" في أي حدث محلي أو عالمي، تجد من يقف شعر رأسه، فيشمر عن أكمامه وأنيابه أيضا، ويبدأ الهجوم دون أن يقرأ أو حتى يحاول أن يعرف أصل الموضوع، مجرد ظهور الكلمة بالنسبة لهم يعني مؤامرة تغريب ودعوة إلى الانحلال والفسق والفجور!. لا ننفي أن هنالك من يحاربنا في هويتنا وديننا، ولكن ليس الكل، ولكي نفرق لنقرأ لندرس لنحلل ونحاور لنفهم قبل أن نحكم، وإلا فما فائدة هذا العقل الذي أنعم الله به علينا إن لم نستخدمه لنفرق بين الصالح والطالح؟! لنأخذ كمثال "اليوم العالمي للمرأة" يحاربون العنوان والكثير منهم يجهل ما يتضمنه أو على الأقل لماذا حدد هذا اليوم.. إليهم ولأمثالهم أقول لماذا حدد هذا اليوم.. أنتم السبب؟!

حين تحارب المرأة الفلسطينية وعلى أرضها وتسجن وتعذب وتقتل ويقتل ويعذب أبناؤها وأبوها وأخوها وزوجها، وحين يهدم منزلها وتقلع أشجار أرضها، وتخرج لتواجه المحتل في مظاهرة معرضة نفسها للخطر في يوم المرأة وفي غيره... من السبب؟ أنتم!

حين تصدر الفتاوى بالقتل وينكب الإرهاب من جميع جهات العالم فيقتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ ورجال، حين تحول النساء إلى غنائم حرب، فيغتصبن ويشردن مع أطفالهن، فيلجأن إلى المخيمات، حيث يعانين من أدنى احتياجات الحياة ويجبرن على تزويج بناتهن الصغيرات من أجل المال والسترة لكل عجوز جاهل يستغل حاجتهن، ويزيد من معاناتهن بالهروب وترك الأسرة في حالة أسوأ مما كانت عليه، حين تشهد النساء الهجوم التتاري على قراهن، وتسحب الأجنة من بطونهن وتعلق فلذات أكبادهن على الأشجار من الحبل السري، وحين تقطع رؤوس الأزواج ويلعب بها كرة قدم أو تشوى الرؤوس على الفحم، وحين تؤكل الأكباد على الملأ، ونجد من يبرر هذه الأفعال الشنيعة الهمجية... من السبب؟ أنتم؟

حين تحجز الفتاة لابن عمها سنين لحين عودته من سفر أو تقريره بالزواج منها، وقد لا يفعل ويضيع عمرها، وحين تطلق لأجل عدم تكافؤ النسب، وحين تحرم من رؤية أبنائها بعد الطلاق، ومن تتجرأ وتحاول تعاقب وقد يصل الأمر أن تحارب، وحين يفضل أن تتسول المرأة وتعمل في الطرقات على أن تعمل في أماكن محمية مهيئة، وتحت ظروف وقوانين تحميها، وحين تعامل المرأة كقطعة أثاث يستغنى عنها في أي وقت، ويتم تبديلها بأخرى لأسباب ليس لها يد فيها، أو حتى مشاركتها أو أخذ رأيها... من السبب؟ أنتم!

حين تصل المرأة إلى أعلى المستويات من العلم والتمكن والمهارة، وتعامل على أنها ضلع ناقص، حين نحتفل بأقل إنجاز للرجل ونتجاهل إنجازاتها أو نقلل من شأنها؛ لأن الاعتراف لم يكن داخليا أو محليا، حين تناقش المرأة موضوع أو قضية ما بكل موضوعية، ويعتقد من يقابلها بأنه وضع في "خانة اليك" ويبدأ بمهاجمتها في دينها وشخصها، بل يصل الحد بأن يحاربها ويهددها؛ لأنه فقط شعر ـ وحسب مفهومه الخاص ـ أنه غُلب أو أن امرأة انتصرت عليه.. من السبب؟ أنتم!

حين يُدفع "عالميا" للمرأة أقل من الرجل لنفس العمل ونفس المسؤوليات، حين تمتلك أقل من واحد في المئة مما يملك الرجل، أو حتى يسمح لها بأن تمتلك أو حتى ترث، حين تحرق لأن مهرها لم يعجب أهل الزوج، أو حين تقتل في جريمة شرف لم ترتكبها لمجرد إشاعة أو خبر كاذب ويسجن القاتل بضع سنوات أو حتى أشهر ويخرج كالفاتح في مجتمعه، حين تكتشف جثث مئات الفتيات ويسجل الموت على أنه انتحار لأسباب خلل في العقل أو النفسية، حين تخرج الفتيات إلى المدارس، حيث يسمح لهن بذلك، ويتعرضن للتحرش أو الاغتصاب، بل إنه في أماكن في العالم تجد أن نسبة من تتعرض للاغتصاب أكثر ممن تذهب إلى المدرسة، حين تهاجم الفتاة وتتعرض للتعذيب ويشوه وجهها لمجرد أنها أرادت التعليم... من السبب؟ أنتم!

حين يردد علينا كل صباح ومساء بأننا ملكات متوجات، بأننا الجواهر المكنونة، بأن الإسلام أعطانا كل حقوقنا، ونجد أن الكثير ممن يردد هو من يسلب بطريقة أو بأخرى.. نساء قبل الرجال يتمسكن بالأسطوانة المشروخة التي يحاولن بها تعليمنا ما نعلمه، وندركه بالعقل وليس بالنقل والتحفيظ، ولكننا ندرك أيضا أن ما أعطاه الله سبحانه وتعالى لا يحق لأحد أن يسحبه منا، ولكن نجد أنه يسحب ومن تتجرأ وتعترض تصنف ويلصق بها كل العبر.. ومن السبب؟ أنتم!

طالما أنه ما زال يوجد "عالميا" اضطهاد للمرأة من تعليم وعمل وإرث وحقوق كفلها لها القانون في بلاد، والدين والشرع في بلاد أخرى، وطالما أنه ما زال هنالك أطفال ينشؤون في عالم حيث العنف ضد المرأة يعدّ أمرا عاديا ومقبولا، وطالما أن هنالك من يستخدم المرأة خاصة المراهقة في الإعلان ويعرضها لكل أشكال الاستغلال ويصدرها إلى بقية المراهقات ونساء العالم على أنها المثال، محطما الكثير من حياتهن لأن الكثيرات يرفضن ما خلقهن الله عليه ويسعين للتغير في خلقته وبالتالي العيش بتعاسة وشقاء، طالما أن المرأة العالمة والمخترعة والقائدة لا تذكر في المناهج التعليمية، ويركز فقط على قصص وأمثلة تميز الرجل، طالما أنه هنالك نساء في شتى بقاع الأرض من أدناها لأقصاها يعانين من الحرمان والتعدي والعنف، وبقية العالم في صمت أو تجاهل، نحتاج ليوم واحد يوحد الرؤية ويسهم في التوعية للرجل قبل المرأة للشاب قبل الفتاة للطفل قبل الطفلة؛ لأن ذلك اليوم ليس لمعاداة أو كراهية الرجل.. إنه نداء محبة للمرأة، فعبء التغيير لا يقع فقط على المرأة من أجل أختها المرأة، بل على الرجل أيضا ليصطف ويساند نصفه الآخر.. ليقف مع من يكمله وليس من ينقص من رجولته.. أيها الرجل... أيتها المرأة؛ أتسكثرون على المرأة يوما واحد للتضامن معها والتعريف عن معاناتها.. عن إنجازاتها... عن إنسانيتها... وهي تعاني بقية أيام السنة، لا وبل في هذا اليوم أيضا؟! إن رفضتم وحاربتم تصبحون بهذا مشاركين بكل ما يحدث للمرأة ليس محليا أو إقليما بل عالميا.. فنحن جزء من هذا العالم، علم من أعلام الأمم المتحدة حيث صدر القرار، وما يحدث في أي بقعة من الأرض يفرض علينا أن نتحرك ونساند من باب أننا جزء من هذه الإنسانية التي خلقها الرحمن... وحين تختفي كل هذه التعديات على المرأة حول العالم.. بالطبع لن نعود بحاجة إلى مثل هذا اليوم أليس كذلك؟ أما زلتم مصرين؟! إذن تفضلوا وانضموا لقائمة...."أنتم"!