ثمة إدارات حكومية تؤدي عملها كيفما اتفق وبلا أدنى جودة.. وتستنزف كغيرها من الإدارات أموالا طائلة من الميزانية.. إلا أنها في النهاية تقوم بعمل ملموس ومشاهد على الأقل.

أما الإدارة التي أكرر الحديث عنها اليوم، فهي إدارة شبه غائبة عن الوجود، إذ لا نشاهد لها أي أثر على أرض الواقع، لا ملموس ولا محسوس ولا "متعوس".

إدارة تجيد الكلام بإسراف، تحترف طباعة المنشورات واللوحات الدعائية، وتتقن فن الخطابة الاستعراضية. تقفز كل عام مرة واحدة في كل نوافذ الإعلام للحديث عن مناسبتها تنظيرا لا يرافقه أي عمل.

هذه الإدارة تحدث الجميع عنها دون جدوى، وانتقدها الناس في كل وسائلهم الممكنة دون فائدة، ورغم كل ذلك لم تخضع لأي تغيير أو تطوير.

الآن، كلي يقين بأن بقاء هذه الإدارة هو محض إسراف، إسراف في الأموال التي تستنزفها من ميزانية الدولة، وإسراف في الأرواح التي تذهب كل "ساعة"؛ بسبب فشلها في أداء مهمتها، لذا فغيابها الآن ربما يكون أفضل.

أثق بأن معظمكم قد عرف إدارتنا المعنية، خصوصا من يحمل في ذاكرته مواجع الفقد بأسباب الحوادث المرورية التي أودت بحياة آلاف البشر.

إدارة المرور التي لا نشاهدها إلا في "أسبوعها السنوي"، أو في المناسبات الرسمية، أو من خلال نقاط التفتيش على سلامة "لوحات السيارات" ووضوحها لكاميرات "ساهر".

لم يعد لوجودها أي قيمة وهي تطوي عامها الـ90 دون أن تنجح في مهمتها الرئيسة: "السلامة المرورية".

ما زالت قضية "التفحيط" تمارس عيانا بيانا، وكل سلوكيات التخلف المروري أصبحت مشهدا طبيعيا في شوارعنا، والسرعة والتهور وتجاهل أنظمة السير هي القاعدة، وعكس ذلك هو الشاذ والغريب.

فشل إدارة المرور قضية تحدث عنها الجميع منذ عشرات السنين دون جدوى، وأجد أن المطالبة بالبحث عن بديل لها للقيام بهذه المهمة أصبح أمرا حتميا، و"العوض ولا القطيعة".