البرامج الرياضية السعودية تحتشد بالضيوف، محللين، خبراء، متعصبين، صحفيين. يعيشون على التفاعل الهائل للأحداث المتتالية. ذات القضايا، نفس الميول، والجدليات التي لا تنتهي، بل تتجدد مع كل لقطة تلفزيونية أو تصريح أو مقابلة أو حتى تغريدة. جمهورها شاب ومندفع ومتفجر الميول الرياضية، ضاقت الصحف بكل هذا الحراك الكبير، ترهلت الجرائد، ولم تعد قادرة على ملاحقة الأحداث، مواقع التواصل الاجتماعي ألغت ميزة الأسبقية الخبرية، فجاءت البرامج التلفزيونية والإذاعية لمهمة تجميع الأصداء، وتوسيع مساحتها. مهمة مكررة ولا جديد فيها، تتغير الوجوه والملامح، ولكن المحصلة واحدة، تتزايد الطموحات والطلبات وقبل ذلك الانتقادات، لكن داخل الميادين تتراجع المسائل والمردود أقل من الطموح. يحب السعوديون الرياضة كما كل شعوب العالم، لكنهم يحولون الأمر إلى تناحر وجدل بلا فائدة، وفي نهاية كل موسم يعودون للانكفاء، بانتظار ما تحمله بشائر الموسم القادم، وهكذا دائرة مفرغة، لكنها لا تنتهي بل تكبر مع الزمن، الشعوب لها مزاجها مع الجدل، هناك جدل تنموي وآخر سياسي وثالث اجتماعي ورابع رياضي، السعوديون يختصرون ذلك كله؛ لذا تتضخم الأمور، ويظهر كل يوم برنامج رياضي بمستويات مختلفة من الحرية، لكنها في الأخير تعتمد على قدرة الضيوف في الترصد والتمحور حول فكرة محددة، تنطلق في العادة من ميول بعينها، وتُلبس عليها المواقف والآراء والأفكار، يمكن للضيف، أي ضيف عابر، أن يكون نجما وذا حضور كبير بمجرد تبنيه للعناد، هذا الأمر قد يفتح له فرصة منصب ودور إشرافي أو استشاري في موقع ما، النماذج كثيرة، وهذا ما يجعل المجال في الأعم الأغلب لا ينظر إليه بكثير من الاحترام والقيمة، تجارة الكلام وبيع اللغو وتصدير المماحكات برامج تملأ ساعات البث، ويسهر عليها الشباب؛ لأنها تأتي متأخرة في التوقيت، تشحنهم بانتظار يوم آخر، الجميع ينتقد هذا الوضع بما فيهم صناع هذا النوع من برامج الحوار، لكنهم لا يتحركون باتجاه تغيير الوضع، أفق مسدود ودائرة مفرغة، لكنها تجذب جمهورا وهذا غريب، غريب جدا.