أتذكر حين بدأ مشروع "سعودة" أسواق الذهب في عام 2005 تقريبا، كنت حينها صحفيا متحمسا فقررت عمل تحقيق حول مدى جدوى القرار، وزرت أسواق الذهب في الطائف وجلست مع بعض العاملين السعوديين الجدد وهم قلة مقارنة بالأجانب، وكانوا مستمتعين بوظائفهم الجديدة وراضين عن الرواتب التي يدعمها صندوق الموارد البشرية، لكن مشكلتهم الوحيدة هي أوقات الدوام.

إغلاق المحال التجارية، عند الساعة التاسعة هو القرار الذي كان يبحث عنه هؤلاء العاملون، الذين يقتحمون وللمرة الأولى واحدا من أهم الأسواق التجارية، يقولون "نحن لدينا بيوت وعائلات ومن المستحيل أن نبقى بعيدين عنهم على مدار اليوم والليلة، نحتاج ساعات عمل محددة لا تتجاوز المعمول به في بقية القطاعات الحكومية والأهلية".

سمعت بعدها أن عددا كبيرا منهم غادر العمل لأن صاحب المحل يلزمه بالدوام حتى ساعة متأخرة من الليل، وبالطبع عليه أن يفتح المحل في الثامنة صباحا مع العامل الهندي الذي يعيش وحده بلا أهل ولا ولد.

قرار إغلاق الأسواق والمحلات التجارية جاء متأخرا بعض الشيء، ولو أنه لم يأت بعد وما زال قيد الدراسة، لكن المؤشرات تقول إنه بات قريبا من التطبيق، ويبدو أنه جاء متوافقا مع قرار تصحيح أوضاع العمالة، الذي يجبر صاحب المحل على استخدام من هم على كفالته فقط، وهو ما سيقضي على العشوائية التي كانت سائدة في الأسواق، وقرار تحديد ساعات العمل وإغلاق المحلات عند التاسعة سيسهم أيضا في تنظيم سوق العمل ويحفظ حق الموظفين والعمال من استخدامهم لأوقات إضافية دون بدلات أو "أوفر تايم".

في كل دول العالم المحلات تغلق عند ساعة محددة وعادة لا تزيد ساعات العمل على ثماني ساعات، وهو نظام عالمي معمول به في كل مكان، إلا في بلادنا وبعض البلدان الأخرى كالإمارات مثلا، لذلك أصبح لزاما علينا تطبيق هذا النظام وحفظ حقوق العاملين سعوديين وغير سعوديين، والمؤكد أن هذا القرار سيفتح المجال للسعوديين للانخراط في أسواق التجزئة، وبالتالي تطبيق "سعودة" صحيحة وليست كما يفعل البعض اليوم من أصحاب المحلات، حين يسجل موظفين سعوديين لا يعرفهم إلا بالاسم الذي يحول لحسابه مبلغ مقطوع شهريا مقابل استخدام اسمه.

أسرعوا بالقرار ففيه خير كبير للباحثين عن عمل ولذويهم وللمجتمع ككل.