أكد استشاري ورئيس قسم جراحات القرنية والليزك الدكتور شريف عيسى، أن سكان جنوب المملكة يمثلون أعلى نسبة على مستوى الشرق الأوسط والعالم في الإصابة بمرض القرنية المخروطية وذلك لعوامل بيئية وأخرى وراثية.

ومن العوامل البيئية، عوامل تساعد على انتشار مرض الرمد الربيعي في المنطقة العربية وحوض البحر الأبيض المتوسط وهو نوع من أنواع الحساسية التي تصيب الأطفال وتؤدي إلى حكة شديدة ومزمنة في العيون، مما يؤدي مع مرور الوقت إلى تمخرط القرنية.

أما العوامل الوراثية فيأتي انتشار زواج الأقارب في مقدمتها مما يؤدي إلى توريث بعض الجينات المتنحية في نسبة أعلى من الأطفال بدليل وجود عدة أفراد من نفس العائلة مصابين بنفس المرض.

وأضاف الدكتور شريف أن القرنية المخروطية هي حالة ترقق غير عادية في القرنية وتغير فيها يتميز ببروز في سطحها وزيادته في تحدبها ويؤدي لتدهور حدة الإبصار وتناقص كفاءته نتيجة وجود ما يسمى باللابؤرية غير المنتظمة التي لا يمكن تصحيحها بواسطة النظارة الطبية خصوصا في الحالات المتقدمة، وهي مرض وراثي يصيبها، حيث يؤدي الضعف الوراثي إلى تناقص في سمكها، وهذا يؤدي لمزيد من ضعف العين وإلى ضغط داخلي على القرنية ويؤدي إلى زيادة تحدبها، وقرنية العين هي الجزء الأمامي من الطبقة الخارجية للعين وهي شفافة اللون، وكما هو معروف فإن القرنية هي المسؤولة الرئيسية عن قوة إبصار العين وهي تتكون من 5 طبقات وتمثل لحمة القرنية أكثر من 90% من سمكها وتتكون من مياه وكولاجين والتي تعتبر نافذة العين والمسؤولة عن دخول الضوء بطريقة صحيحة، حيث يحدث تدن في سماكة القرنية وصلابتها في مرحلة المراهقة والشباب مما يؤدي إلى ازدياد تحدبها فتتحول إلى الشكل المخروطي مما يؤثر على حدة الإبصار بسبب الاستجماتيزم (الانحراف) الناتج عن التحدب.

واستعرض عيسى الأَعراض التي توجد في أَغلب الحالات وهي أن المريض يلاحظ رؤية غير واضحة تضعف سريعا وحدّة البصر تكون ضعيفة أيا كان البعد، خصوصا في الليل وعند بعض الأفراد الرؤية في إحدى العينين تكون أضعف من الأُخرى، والبعض يعانون من حساسية غير طبيعية من الضوء ووخز وتعب عضلي سببه حركة العين إِلى اتجاه معين لكي يستطيع القراءة.

وأضاف إن الرؤية الضعيفة والمشوشة هي من الأَعراض الأَولية، وتظهر في آخر العقد الأول من العمر أو بداية الثاني. هذا المرض إِجمالا يتقدم ببطء لمدة 10 سنوات أو 20 سنة بعد ذلك يتوقف، إحدى العينين قد تكون متأثرة، رغم ذلك يمكن أن تزداد درجة تطور المرض ومع مرور الوقت تترقق القرنية وتبرز وتسبب اللابؤرية.

وتابع قائلا عادة ما يشكو المريض في بداية المرض من عدم استقرار النظر وتكرار تغير كشف النظارة الطبية خلال فترات متقاربة، وهو ما يجب أن يلفت انتباه الطبيب المعالج إلى إجراء فحوصات للعين، أهمها توبوجرافيا القرنية لتأكيد أو استبعاد تشخيص الإصابة بالمرض.

كما اكتشفنا أن العديد من الشباب راغبي التقدم للاختبارات الطبية للقبول بالكليات العسكرية هم مصابون بالقرنية المخروطية بدرجات متفاوتة، ورغبتهم في إجراء جراحة الليزك لتحسين النظر أدت إلى اكتشاف الإصابة بالمرض عند تصوير سطح القرنية وقياس درجه الاستجماتيزم غير المنتظم.

وشدد الدكتور شريف على ضرورة العلاج وأولى خطواته هي التهيئة النفسية للمريض وشرح المرحلة التي وصل إليها من المرض والتدخل المناسب لكل عين، حيث إن الإصابة عادة ما تشمل العينين وإن تباينت حدة الإصابة بين العينين.

وفي المرحلة الأولى عادة ما يكون المريض صغير السن ويلزمه تثبيت "تصليب" تدعيم لأنسجة القرنية بواسطة الأشعة فوق البنفسجية مع استخدام قطره فيتامين "ب" وهو إجراء يسمى بـ"كروسلينكينج" ويستغرق ساعة واحدة بدون تخدير أو تنويم.

والمرحلة الثانية يمكن فيها استخدام "كروسلينكينج" أو زراعة حلقات داخل القرنية أو استخدامهما معا.

أما المرحلة الأخيرة فلا يوجد حل نهائي لها سوى زراعة قرنية للمريض.

وبالنسبة لمن يرغب من مرضى القرنية المخروطية في التخلص من النظارة الطبية فيمكنه زراعة عدسات لاصقة لينة دائمة داخل العين لإصلاح قصر النظر والاستجماتيزم.

ونصح عيسى مرضى القرنية المخروطية ممن تم تشخيص إصابتهم بالمرض في مرحلة مبكرة ولا يعانون من ضعف شديد بالإبصار بألا ينخدعوا بعدم وجود عجز بصري.

أما المرضى صغار السن عليهم الخضوع للتدخل المقرر من الاستشاري المختص وألا يكتفوا بالنظارة أو العدسات اللينة أو الصلبة ظنا منهم أنها العلاج المناسب. فكثيرا ما يخاف المريض ويؤجل قرار تثبيت القرنية أو زراعة الحلقات حتى يصل إلى درجات عنيفة من المرض لا يجدي معها سوى زراعة القرنية.