بعد تجاوز حاجز التفتيش بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، والتوجه صوب صالة المغادرة، تصافح عيني المسافر نقاط بيع تحفل بأنواع العطور العالمية والذهب والإكسسورات والهدايا وقلما تخلو من ألعاب اطفال، إلا أن هناك جناحا "معرفيا" يشهد حركة بيع كثيفة، ويضم مجموعة من الأرفف اصطفت عليها كتب تحمل عناوين متنوعة، ربما تبقي صورة المسافرين التقليدية دون أجهزة ذكية أو شاشات، لتمضية أوقات الانتظار بالقراءة التقليدية البحتة حتى حلول موعد صعود الطائرة، ومحاولة مخاتلة العصر الرقمي.

أكثر ما يجذب الانتباه في العناوين المعروضة هي كتب السير الذاتية للرؤساء السابقين أو بعض الملامح العامة لتجاربهم السياسية في بلدانهم، إضافة إلى الكتب التي دونها عدد من الصحفيين حول حياة بعض الرؤساء السابقين أو لحظاتهم الأخيرة في الحكم ضمن أجواء ما يعرف إعلاميا بـ"الربيع العربي".

ولا تتوقف العربات التي تنقل الكتب للبائعين المسؤولين عن ترتيب وتنظيم أجنحة بيع الكتب عن الذهاب والمجيء لأكثر من مرة في اليوم بسبب حركة البيع النشطة، في مفارقة لا تعكس حالة الزعم بـ"العزوف" العام عن القراءة التي تشهدها المكتبات العامة أو الخاصة.

اكتظاظ الرجال والنساء لا يفارق منظر المكتبة على الدوام، وعمليات تفحص الكتب والتدقيق في فهارسها وأجزاء من مضمونها هي مفتاح البيع الذي يبرر شراء الكتاب من عدمه.

تقول الطالبة الجامعية سمر الحربي: "إنها اشترت للتو 3 عناوين مختلفة من الكتب عن حياة الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، من بينها "نساء في حياة آل القذافي"، و"مزرعة آل القذافي"، وتبرر شراءها لهذه النوعية من الكتب، بكمية الأسرار في حياة هذا الرجل، وتضيف، أنها تحب قراءة هذة النوعية من الكتب، التي تمنحها إطلالةعلى العوالم الخفية للقادة، التي بقيت لعقود طي الكتمان.

أثناء الحديث مع سمر كان هناك أحد الأشخاص يريد شراء أحد تلك الكتب، إلا أن البائع اعتذر عن بيعه بحجة أن أحد المسافرين حجزه قبل الذهاب لتناول طعامه. ويقول البائع: "إن النسخ تنفد بسرعة والطبعات تتوالى تباعاً، ولا نستطيع مواكبة حجم الطلب، لقلة العرض أحياناً"، مضيفاً أن مقولة "لا أحد يقرأ الكتب هذه الأيام وأن الإنترنت احتل الصدارة" ليست صحيحة بالمطلق، فلا تزال الكتب الورقية تحظى باهتمام لا يمكن الاستهانة به، ولو كان ذلك الاهتمام عابراً، ويقتصر على ساعات الانتظار ضمن المطارات.