أتفهم كغيري من المتحمسين لمشروع طائرة الجامبو التي ستتحول إلى مطعم في أبها، رؤية أمين منطقة عسير المستقبلية لسياحة المنطقة واحتياجاتها، ولكني أتفهم أكثر حجم الأسئلة وعلامات التعجب التي طرحها بعض الزملاء الكتاب والمغردين حول هذا المشروع، خصوصا ما يخص كلفة نقل الطائرة من المدينة المنورة إلى أبها الذي جاوز مبلغ 2.5 مليون ريال.
وهنا سأتجاوز الحديث عن رحلة الطائرة المتقاعدة البرية عبر الطرق الجبلية والأضرار التي تسببت فيها أثناء نقلها، وانقطاع الكهرباء عن القرى التي مرت بها، وحكاية الـ95 شاحنة التي نقلتها قطعة قطعة لمسافة 800 كلم، مع أنه كان بالإمكان نقلها بكلفة أقل، لو فكر أمين عسير أكثر بالموضوع.
سأتحدث عن المشروع من الناحية التجارية وبرؤية شخصية متواضعة، حسابيا يمكن القول إن تحمل المشروع هذه التكلفة 2.5 مليون ريال قبل حتى أن يبدأ، يجعله في دائرة الخطر، هذا غير تكاليف التركيب وإعادة تأهيل الطائرة لتكون جاهزة لاستقبال الزبائن، وربما يكلف ذلك مبالغ طائلة، ثم يأتي التشغيل والإعلان وربما دفع تعويضات للمتضررين، ومبالغ أخرى تعيد ما أفسدته الطائرة من أرصفة وأشجار ومجسمات وغير ذلك.
أمانة عسير تقول إنها ستطرح المشروع في مناقصة عامة، وهنا سيكون المشغل أمام خيارين، فإما أن ينفذ مطعما من فئة 5 نجوم حتى يرفع حجم المداخيل، وهو ما قد يكون مخاطرة كبيرة مع محدودية الزبائن في غير مواسم السياحة ولدينا الكثير من النماذج، أو أن يجعله مطعما شعبيا أو للمأكولات السريعة بما يضمن مداومة الزبائن على مدار الساعة وتغطية التكاليف، وهو ما سيجعل المشروع مربحا، لكنه سيفقد طائرة الجامبو هيبتها وهي تتربع بعنفوان على "جبل أم الركب"، وهذا ربما يتناقض مع رؤية أمين عسير الثاقبة، فلا أظن أن الطائرة قطعت كل هذه المسافة لتبيع "فول وبروست" للأهالي والسائحين.