فيما أكد مصدر لـ"الوطن" أن وزارة الاقتصاد والتخطيط تعمل على رصد ودراسة معدلات الطبقة الوسطى في المملكة، وإشارة مصدر آخر في مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن المصلحة ستعطي المعلومات فيما يتعلق بهذا الشأن في حال طلب منها ذلك، شدد عميد البحث العلمي والمشرف على مركز الدراسات السكانية في جامعة الملك سعود الدكتور رشود الخريف في تصريحات خاصة إلى "الوطن" على "ضرورة إيجاد البيانات التي توضح مستويات الدخل، إذ إن المراقب يرى أن هناك نمواً في طبقة الدخل المنخفض على حساب الطبقة الوسطى، الأمر الذي يؤدي إلى بروز مشكلات اجتماعية كثيرة. ولهذا تسعى الحكومة جاهدة إلى تحسين أوضاع الفئات منخفضة الدخل من خلال مشروعات الإسكان ورفع الرواتب وخفض معدلات البطالة وتمكين المرأة من العمل والتوسع في الابتعاث ونحوه".

وأقر الخريف بصعوبة معرفة مستوى دخول الأفراد والأسر بسبب "عدم وجود بيانات دقيقة ونظام ضريبي يزود الدولة بدخل الأسر الحقيقي"، مؤكداً على "أهمية التنسيق بين وزارات التخطيط والعمل والخدمة المدنية لإيجاد تناسب بين معدلات ما تضخه الجامعات من خريجين وبين سوق العمل". وأشار إلى الحاجة الملحة لتوفير البيانات المتعلقة بنسب الإعاقة ومتوسط دخل الفرد والأسرة، موضحاً أن هناك "ندرة في توافر تلك البيانات بشكل دقيق، مما يعكس تقصير الجهات المسؤولة في جمع هذه البيانات؛ ربما لفرط حساسيتها تجاه نشر ما يتوفر لديهم، قائلا إن هذا "الخلل أسهم في تأخر المجتمع والجهات المسؤولة عن فهم الكثير من القضايا الاجتماعية، وبالتالي تأخر الجهود لإيجاد الحلول الناجحة لكثير من المشكلات الاجتماعية كالفقر والبطالة والإسكان، وقبلها أزمة القبول في الجامعات". ورأى أن نسبة "الإعاقة" تعد من المسائل المجهولة التي لا يعرف عن معدلاتها وتوزيعها الجغرافي وخصائصها، شارحاً أن البيانات السكانية والاقتصادية والاجتماعية ليست مهمة للجهات الحكومية فقط، وإنما للجمعيات الخيرية ومنشآت القطاع الخاص. وحول غياب المعلومات السكانية الدقيقة، قال الخريف إنها تؤثر سلبا على التخطيط الشامل، موضحا أن من أسباب القصور في بعض المشروعات أنها لا تُبنى على بيانات تفصيلية دقيقة، محذرا من أن "عدم إتاحة البيانات التفصيلية التي تقوم بجمعها أجهزة الدولة مثل وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية والصحة أمر لا يخدم المصلحة العامة". ودعا إلى ضرورة ألا يترك أمر نشر وتوزيع البيانات وإتاحتها للباحثين والمستثمرين في أيدي الموظفين الذين قد لا يقدرون أهميتها، وقال: "ينبغي ألا تسعى الجهات المعنية بنشر الكتب الإحصائية التي تصدرها الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى "تزيين" الأوضاع أمام المسؤولين. وبناء عليه، نرجو أن يقوم مجلس الشورى بوضع نظام للبيانات والمعلومات يحدد مستويات سريتها وكيفية تداولها.وانتقل الخريف للحديث عن الجهود الرسمية في محو الأمية باعتبارها أحد عوامل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، قائلا إن "المملكة استطاعت خفض معدلات الأمية بدرجة كبيرة، فقد انخفضت الأمية حتى وصلت إلى 10% فقط في العام الحالي، إلا أن الأمية لاتزال تتركز في أوساط النساء. ولكن على الرغم من تلك الجهود، فإن مخرجات التنمية البشرية لا تزال دون الطموح، والحاجة لا تزال كبيرة لتطوير التعليم وتحسين مخرجاته لكي يتمكن من الإسهام بفاعلية في التنمية.

وحول توزيع التنمية، قال الخريف إن "هناك عدم توازن في التنمية، وهناك مدن استأثرت بهذه التنمية دون سواها؛ نتيجة تركز كثير من الفعاليات التنموية في محور مناطق (مكة المكرمة–الرياض– الشرقية)، مشيرا إلى أن "حدوث هذا التركيز في البداية جاء كنتيجة ضرورية لانطلاق عجلة التنمية، إلا أن تدفق الموارد المالية وتركز مشروعات التنمية استمر لفترة طويلة في هذا المحور دون انتشارها لبقية مناطق المملكة بدرجة متوازنة، وهذا أدى إلى تحرك السكان من الشمال والجنوب إلى المدن الكبيرة في هذا المحور، فاستحوذت المناطق الثلاث على أكثر من ثلثي سكان المملكة وعلى النصيب الأكبر من المشروعات التنموية. وتأتي منطقة مكة المكرمة الأكثر كثافة سكانية تليها الرياض ثم المنطقة الشرقية".

وبالنسبة لمسألة التزايد الديموجرافي، أوضح الخريف أن "المملكة تشهد انخفاضاً تدريجياً خلال العقود الثلاثة الماضية في معدل زيادة السكان. وأن ما كان يسهم في ارتفاع هذا المعدل هو تدفق العمالة الوافدة، التي زادت أعدادها أكثر من زيادة السكان السعوديين، وبخاصة بين الأعوام 2004-2010. أما بالنسبة لمعدل النمو السكاني للسعوديين فهو 2.2% خلال الفترة نفسها"، مؤكداً على ضرورة الموازنة في المعادلة السكانية في المملكة، ويظهر ذلك جليّا في نسب البطالة والتي تصل معدلاتها بين الإناث إلى أكثر من 30%.

أما عن الوصول إلى نقلة نوعية في التنمية، فيقول: "لا شك أن البرامج التي تتخذها الدولة لتعزيز التوازن في التنمية المكانية كالابتعاث وإنشاء الجامعات ومشاريع الإسكان وتحفيز المناطق الأقل نمواً، سيكون لها أثر كبير في تخفيف حدة التفاوت في الدخول بين المناطق وكذلك بين الفئات الاجتماعية، موضحاً أن الالتزام بالشفافية والمساءلة في المشروعات الحكومية وإدارة المنح والتعيينات على الوظائف العليا كفيلة بإحداث تلك النقلة.