- الفارق الجوهري بين: المثقف، والمناكف؛ أن الأول يحاور ويختلف حول القضايا الفكرية والثقافية، وحول المسائل المعرفية، ويصمت عند انزلاق الأقلام إلى "العناد" وتصفية الحسابات الشخصية، بينما الثاني يناكف رافعا صوته، حول الشخوص والأقاليم والانتماءات "التصنيفية، وقد يبدل رأيه، لا رجوعا إلى الحق، وإنما تأييد للأقرب مكانا وحسب، بل إنه قد ينقلب على الأقرب ـ إذا انتفت المصلحة ـ ابتزازا ومماحكة. وهو "خلّاط" ممتاز للأوراق والموضوعات، إذ يعمد إلى إدخال موضوع بعيد، في موضوع قريب، ليشفي نفسه و"يبرئ سقْمَها"، وليعجبَ الأتباعَ كلامُه، ويظنون أنه أوتي "جوامع الكلم"، بينما لم يؤت غير "جوامع الكذب" حتى يكتب عند الله، ثم عند محاوريه "كذّابا".

- نقد الأداء، لا يعني نقد الشخوص، ولا الانتقاص من جهودهم، فإذا وصل تحسّس فرد من نقد أدائه إلى حد الجنون، فإن ذلك دليل ناصع على أن لديه خللاً، ولذا يمارس على ناقديه التحريض الخفي، مستخدما سلطته وصلاتِه، أملا في توقفهم، لئلا "ينكشف المستور"، وهو لا يعلم أن الصادق لن يتوقف عن قول كلمة يؤمن بها مهما طاله في الخفاء من أذى.. "سلّموا لي على هؤلاء وعلّموهم أن: المبادئ لا تتجزأ"، إلا عند الذين يتظاهرون بها لحاجات.. وحاجات.

- من وقف ذات أزمة وتحريض وتأليب، في صفّ المؤلِّبين والمؤزِّمين والمحرِّضين ضد وطنه ومؤسساته وقيادته ومواطنيه، وضد سعادة أهله وفرحهم وجمالهم وحريتهم ـ وسواء حسنت نيته أم ساءت ـ فإنه لن يعمل من أجل وطنه ومجتمعه قط، ولو حرث الأرض بقدميه مدعيا الإخلاص، فإنما يحرث ليستزرع الشوك في بستاننا الوطني، ولن يكون قطاف زرعه سوى الندم بعد فوات أوان الندم.

- أخطاء العمل التنموي واردة، وكلها مقبولة، ما لم يدخلها فساد؛ لأن "البشر خطّاؤون"، ومن يعمل يخطئ حتما، إلا أخطاء تدمير البيئة بحجة التنمية، أو "التطور" ـ كما يقول العوام ـ فإنها لا تُقبل بأي حجة وتحت أي سبب؛ ذلك أن الإصلاح فيها غير ممكن في حياة الأحياء، وحتى بعد مماتهم، وليست هناك جريمة أكبر من تجريف واقتلاع مئات الأشجار، في غابة "تهلل" الغناء، من أجل طريق سيارات..! تلك أشجار معمرة، وغابات تحدد هوية الجبال الخضراء، ولن تسامح الأجيال من اقتلعها أبدا؛ لأن الضرورة منتفية، وبدائل طرق السيارات للتنزّه متوافرة، كممرات المشاة التي تتخلل الغابات، وغيرها من البدائل المعروفة في بلاد الاخضرار، ولكن لا "وعي" لمن تنادي، ولا رأي لأهل المكان المرتبطين به وجدانيا، ولا إيمان بأن البيئة هوية، والجغرافيا علامة تشبه علامات وجه الإنسان.