عندما تكون في حالة انتظار لاتصالات مهمة مرتبطة بأعمال لك في غاية الأهمية، وفي الوقت نفسه أنت في خارج البلاد، ولا توجد وسيلة للتواصل سوى جوالك، ثم ينقطع هذا الجوال! ماذا ستفعل؟
كنت خارج البلاد لإجازة قصيرة قبل فترة، ولأجل ذلك كعادتي أتأكد من دفعي للفواتير باستمرار، بل دائما عندما يكون لدي عمل مهم، فإني أقوم قبل السفر بعمل كل الاحتياطات التي قد يعدها البعض من قبيل الوسوسة والإسراف في الاحتياط! فقمت بالاتصال بشركة الاتصالات التي أشترك فيها، وتأكدت بنفسي أن كل شيء على ما يرام! كما أضفت عددا من الخدمات الخاصة بالسفر كالنت المفتوح وغيره، وبالرغم من كثرة سفري بحكم العمل إلا أنني اهتممت أكثر هذه المرة، ربما لإحساسي بشيء! وبسبب أن الشريحة تعطلت قبلها بفترة قصيرة فخشيت من تكرار الأمر!
وصلت لمحطة السفر الأولى واكتشفت أن الخط لا يعمل! ولم أترك شيئا إلا قمت به وبقيت قرابة الأسبوع ولم يعمل الخط وكانت من أسوأ رحلاتي بسبب التوتر! رجعت ويجيبك المسؤول في خدمات العملاء بكل بساطة ادفع قيمة شريحة ثانية! كان الكثير من زملائي طلبوا مني أن استخدم الواسطة لحل الموضوع لكن لشدة الغضب والشعور بالألم أبيت إلا أن آخذ حقي بشكل نظامي ومباشر! وللأسف حتى اليوم بعد عدة أشهر ما زالت حتى قيمة تلك الفواتير التي لم أستفد منها محسوبة! وهناك تصرفات مشابهة كثيرة لا أريد إضاعة الوقت في سردها.
ليست المشكلة في قيمة الفاتورة وإنما من سيعوضني على الخسارة المعنوية تلك الأيام؟ ومن يعوض الناس التي تُسيء لهم شركات الاتصالات وتستخدم طريقة الاستغلال لضرورة المستخدمين؟ وكم من الناس الذين يتركون حقوقهم لأجل سوء تناول الشركة وحفظا لأوقاتهم وأعصابهم أو لعدم علمهم! وإنما أتساءل عن أين الرقابة على شركات الاتصالات؟
ينص نظام الاتصالات الصادر عام 1422 في مادته الثالثة التي تذكر الأغراض الأساسية التي يجب تنظيم القطاع على أساسها، وذكر منها؛ "تحقيق الوضوح والشفافية في الإجراءات"، ثم ذكر "حماية المصلحة العامة ومصالح المستخدمين.."، وفي المادة العاشرة ينص على أن هيئة الاتصالات تتولى توفير الحماية للمستخدمين. كما نصت اللائحة التنفيذية في مادتها 59 على آلية إجراءات معالجة شكاوى المستخدمين.
لا شك أن النظام ولائحته جيدان إلا أن النظام لم يُركز على حماية المستهلك ولم يُعطها اهتماما أكبر من خلال تفصيل المخالفات تجاه المستخدمين، وترتيب عقوبات عليها، مما جعل الباب مفتوحا نحو استغلالهم وتضليلهم أحيانا بالدعايات غير الصحيحة، والإجحاف في فرض الرسوم وطريقة إلغائها وهكذا.
وكثير من تلك العروض والدعايات التي تقدمها شركات الاتصالات لا تكون حقيقية، وبعد الاشتراك تكتشف أنها مضللة، وعندما تريد إلغاء الاشتراك فإنك لا تستطيع! وكنت أتمنى أن يتم تنظيم مثل هذه الممارسات المضللة. وفي أميركا مثلا يوجد قانون خاص لحماية مستخدمي الهاتف (The Telephone Consumer Protection Act of 1991)، وفي هذا القانون يحق للمستخدم الذي يتعرض لانتهاك القانون أن يحصل على تعويض من 500 إلى 1500 دولار يتحملها المنتهك للقانون (مقدم الخدمة)، هذا غير إذا كانت هناك خسائر فإنها سيتحملها المنتهك أيضا. مثل هذه العقوبات تجعل مقدم الخدمة يخشى فعلا من تضليل المستخدم أو إساءة استخدام الخدمة وتحميله بشيء غير نظامي.
قمت بالبحث حول الموضوع في النت، فوجدت قواعد أو أخلاقيات الاتصالات السلكية واللاسلكية لحماية المستهلك (Telecommunications Consumer Protections (TCP) Code) في أستراليا، وهي مكتوبة للتأكد من جودة تقديم الخدمات وعدالتها من قبل مقدمي خدمة الاتصالات، وكل الشركات المقدمة للاتصالات في أستراليا يجب أن تلتزم بهذه القواعد وتحترمها تجاه المستهلك، وهناك جهة مختصة لمراقبة مدى الالتزام والامتثال من قبل الشركات لتلك القواعد (Communications Compliance).
هذه القواعد كلها مركزة لأجل التأكد من حماية المستخدم والتأكد من جودة الخدمة وعدالتها، ولأجل التأكد من الشفافية والوضوح في الخدمات والمعلومات حول تلك الخدمات وعدم تضليلها للمستخدم، وكم أتمنى أن تبادر هيئة الاتصالات مشكورة في وضع جملة من الإجراءات لحماية المستخدمين من جشع وسوء خدمة المقدّمين، ومن أهم تلك الأعمال؛ وضع الأساس النظامي الكافي لحماية المستخدمين بشكل واضح ومتيسر عليهم.
أعود إلى موضوعنا وأقول؛ كم هي مزعجة تلك الرسائل التي نستقبلها جبرا وكرها للتضليل والتسويق حتى لبيع الكلام مثل تفسير الأحلام والاستشارات المدفوعة والمجهولة الجودة والرقابة! وكثير من تلك الدعايات مضللة فعلا ولمجرد استنزاف المشتركين، ولا نجد رقيبا يحاسبهم عليها.
وعندما تحصل للمستخدمين مشاكل ويحاولون الاتصال لمعالجتها؛ فإنهم يدخلون في متاهة مقصودة لأجل تعجيز الناس للوصول لحقوقهم ومعالجتها! وفي النهاية بعد أن ييأس معهم خلال عدة أيام وهو يشعر بالغبن والقهر يضطر كثيرا أن يريح من ضغطه النفسي وأعصابه بأن يتركهم!
وعلى العموم هناك آلية لدى هيئة الاتصالات لتقديم شكاوى كما نصت على ذلك اللائحة، إلا أنها ليست كافية حقيقة، والكثير ينادي بأن تكون الهيئة صارمة في التعامل مع شركات الاتصالات فيما يتعلق بالإساءة والتضليل الذي يستخدم ضد المستخدمين.
أخيرا أقول؛ إذا كان لديك سفر طويل، وحتى لا تقع في مثل ما حصل معي؛ فلا تثق بتلك الشركات حتى لو أكدوا لك بشهادة مصدقة؛ بأنه لا مشكلة لديك! ولا تتردد في أن تكون لديك شريحة أخرى لشركة مختلفة تتمكن من استقبال المكالمات عليها!