عبدالله عايض جليد


علمتني الحياة أن أسمع كل ما يقال لي أو يدور حولي من حديث، وألا ألتفت إلا للنزر القليل مما قيل قبلاً، (فالحديث ذو شجون واللسان ذو سجون)، قد يفتح باب قلب ويسعد روحا أو يسجن محبة ويبعد مودة، فقد علمتني الحياة أن الحرف والحرفين والثلاثة وأكثر من ذلك أو أقل قد تجرح شعورا، وقد تشرح صدورا.

نعم أسمع كل شيء فقط لأستوعب أفكار الآخرين عني أو عن محيطي الاجتماعي أو التربوي أو الأخلاقي أو الفكري، وهل أنا قريب من صواب ما أفعله أو أنوي ذلك، أو أنني بعيد عما يدور في فلكي القريب وبيئتي المحيطة بأناسها وأشيائها وأفكارها.

علمتني الحياة أن الاستماع يفيد العقل ويريح القلب أكثر من كثرة الكلام والجدل، فمنه (أي الاستماع) تحصل على معلومات وأفكار بل وطرق تفكير ودورات حياتية حية في شتى المواضيع والمجالات بالمجان ودون وقت حضور وانصراف. استمع ثم حلل ثم انتق ما يحلو لك ويليق بحدائق فكرك ورقي ذوقك وعلو همتك.

علمتني الحياة أن الصمت فن، والحديث فن، والحوار فن، وإبداء الرأي فن، والانسحاب من الجدال فن، وليس ضعفا، فعندما تعلو الأصوات تتوقف العقول عن الحديث، كما يقال. ليكن للصمت في حياتك معنى، وللكلام معنى، كن مزماراً يطرب عند الحديث، وليس مسمار يوجع الرؤوس عند الكلام والاستماع إليه.